والهداية ممنوعة عن المسرفين كما هو مفاد الآية (28) من سورة غافر:
إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب.
وأخيرا تتحدث الآية (9) من سورة الأنبياء عن مصيرهم: وأهلكنا المسرفين.
وقد رأينا في الآية التي نبحثها أن الله تعالى جعل المسرفين إخوان الشياطين. والإسراف بمعناه الواسع هو الخروج وتجاوز الحد في أي عمل يقوم به الإنسان، ولكنها عادة تستخدم في المصروفات.
ومن آيات القرآن نفسها نستفيد أن الإسراف هو في مقابل التقتير، بينما هناك طريق ثالث هو منزلة بين الأمرين، كما في الآية (67) من سورة الفرقان:
والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما.
3 ثالثا: الفرق بين الإسراف والتبذير:
في الواقع لا يوجد هناك بحث واضح عند المفسرين في التفاوت الموجود بين الإسراف والتبذير، ولكن عند التأمل بأصل هذه الكلمات في اللغة، يتبين أن الإسراف هو الخروج عن حد الاعتدال، ولكن دون أن نخسر شيئا، فمثلا نلبس ثيابا ثمينا بحيث أن ثمنه يعادل أضعاف سعر الملبس الذي نحتاجه، أو أننا نأكل طعاما غاليا بحيث يمكننا إطعام عدد كبير من الفقراء بثمنه. كل هذه أمثلة على الإسراف، وهي تمثل خروجنا عن حد الاعتدال، ولكن من دون أن نخسر شيئا.
أما كلمة " تبذير " فهي تعني الصرف الكثير، بحيث يؤدي إلى إتلاف الشئ وتضييعه، فمثلا نهئ طعام عشرة أشخاص لشخصين، كما يفعل ذلك بعض الجهلاء ويعتبرون ذلك فخرا، حيث يرمون الزائد في المزابل.
ولكن بالرغم من هذا التمييز، لا بد من القول بأن كثيرا ما تستخدم هاتين الكلمتين للتدليل على معنى واحد، وقد تتابعان في الجملة الواحدة لغرض التأكيد.