الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٤٥٩
" تبذير " من " بذر " وهي تعني بذر البذور، إلا أنها هنا تخص الحالات التي يصرف فيها الإنسان أمواله بشكل غير منطقي وفاسد. بتعبير آخر: إن التبذير هو هدر المال في غير موقعه ولو كان قليلا، بينما إذا صرف في محله فلا يعتبر تبذيرا ولو كان كثيرا. ففي تفسير العياشي، عن الإمام الصادق (عليه السلام)، نقرأ قوله: " من أنفق شيئا في غير طاعة الله فهو مبذر ومن أنفق في سبيل الله فهو مقتصد " (1).
وينقل عن الإمام الصادق (عليه السلام) أيضا أنه دعا برطب (لضيوفه) فاقبل بعضهم يرمي بالنوى، فقال: " لا تفعل إن هذا من التبذير، وإن الله لا يحب الفساد " (2).
وفي مكان آخر نقرأ، أن رسول الهدى (صلى الله عليه وآله وسلم) مر بسعد وهو يتوضأ، فقال: ما هذا السرف يا سعد؟ قال: أفي الوضوء سرف؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " نعم وإن كنت على نهر جار " (3).
وبالنسبة لذوي القربى هناك كلام كثير بين المفسرين، هل هم عموم القربى؟
أو المقصود بهم قربى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) باعتباره هو المخاطب بالآية؟
في الأحاديث الكثيرة التي سنقرؤها وفي الملاحظات التي سنقف عندها سنعرف بأن ذوي القربى هم قربى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبعض الروايات تشير إلى أن الآية تتحدث عن قصة فدك التي أعطاها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بنته فاطمة الزهراء (عليها السلام).
ولكن مخاطبة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في كلمة " وآت " لا تعتبر دليلا على اختصاص هذا الحكم به، لأن جميع الأحكام الواردة في هذه المجموعة من الآيات كالنهي عن الإسراف ومداراة السائل والمسكين، والنهي عن البخل، هي أحكام عامة بالرغم من أنها تخاطب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
وهناك نقطة ينبغي الالتفات إليها، وهي مجئ النهي عن التبذير والإسراف،

1 - يراجع تفسير الصافي عند بحث هذه الآية.
2 - المصدر السابق.
3 - المصدر السابق.
(٤٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 ... » »»