وخربه هو ملك بابل " نبوخذ نصر " حيث بقي الخراب ضاربا فيه لسبعين عاما، إلى أن نهض اليهود بعد ذلك لإعماره وبنائه. أما الهجوم الثاني الذي تعرض له، فقد كان من قبل قيصر الروم " أسييانوس " الذي أمر وزيره " طرطوز " بتخريب بيت المقدس وقتل بني إسرائيل. وقد تم ذلك في حدود مائة سنة قبل الميلاد.
وبذلك يحتمل أن تكون الحادثتان اللتان أشارت إليهما الآيات أعلاه هما نفس حادثتي " نبوخذ نصر " و " أسييانوس " لأن الأحداث الأخرى في تاريخ بني إسرائيل لم تفن جمعهم، ولم تذهب بملكهم واستقلالهم بالمرة، ولكن نازلة (نبوخذ نصر) ذهبت بجمعهم وسؤددهم إلى زمن " كورش " حيث اجتمع شملهم مجددا وحررهم من أسر بابل وأعادهم إلى بلادهم وأعانهم في تعمير بيت المقدس، إلى أن غلبتهم الروم وظهرت عليهم، وذهبت قوتهم وشوكتهم (1).
لقد استمر بنو إسرائيل في مرحلة الشتات والتشرد إلى أن أعانتهم القوى الدولية الاستعمارية المعاصرة في بناء كيان سياسي لهم من جديد.
ثانيا: أما " الطبري " فينقل في تفسيره عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن المراد في الفساد الأول هو قتل بني إسرائيل لزكريا (عليه السلام) ومجموعة أخرى من الأنبياء (عليهم السلام)، وأن المقصود من الوعد الأول، هو الانتقام الإلهي من بني إسرائيل بواسطة (نبوخذ نصر) وأما المراد من الفساد الثاني فهو الفوضى والاضطراب الذي قام به " بنو إسرائيل " بعد تحريرهم من بابل بمساعدة أحد ملوك فارس، وما قاموا به من فساد. أما الوعد الثاني، فهو هجوم " أنطياخوس " ملك الروم عليهم.
وبالرغم من انطباق بعض جوانب هذا التفسير مع التفسير الأول، إلا أن راوي الحديث الذي يعتمد عليه " الطبري " غير ثقة، بالإضافة إلى عدم تطابق تاريخ " زكريا " و " يحيى " مع تاريخ " نبوخذ نصر " و " أسييانوس أو أنطياخوس " إذا