الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٤٠٣
شكورا.
والآية تخاطب بني إسرائيل بأنهم أولاد من كان مع نوح، وعليهم أن يقتدوا ببرنامج أسلافهم وآبائهم في الشكر لأنعم الله.
" شكور " صيغة مبالغة بمعنى " كثير الشكر "، وأما كون بني إسرائيل ذرية من كان مع نوح، فإن ذلك قد يعود إلى أن من في الأرض جميعا، بعد طوفان نوح، ومنهم بنو إسرائيل، هم كلهم من سلالة الأبناء الثلاثة لنوح، أي " سام " و " حام " و " يافث " كما ورد في كتب التاريخ، ومما لا شك فيه أن كل أنبياء الله شكورون، ولكن الأحاديث تعطي ميزة خاصة لنوح الذي كان دائم الشكر على كل نعمة ففي كل شربة ماء، أو وجبة غذاء، أو وصول نعمة أخرى له فإنه يذكر الله فورا ويشكره على نعمائه.
وفي حديث عن الإمام الباقر والصادق (عليهما السلام) نقرأ قولهما إن نوحا كان يقرأ هذا الدعاء في كل صباح ومساء، " اللهم إني أشهدك أن ما أصبح أو أمس بي من نعمة في دين أو دنيا فمنك، وحدك لا شريك لك، لك الحمد ولك الشكر بها علي حتى ترضى، وبعد الرضا ".
ثم أضاف الإمام: " هكذا كان شكر نوح " (1).
بعد هذه الإشارة تدخل الآيات إلى تاريخ بني إسرائيل الملئ بالأحداث، فتقول: وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا.
كلمة " قضاء " لها عدة معان، إلا أنها استخدمت هنا بمعنى " إعلام " أما المقصود من " الأرض " في الآية - بقرينة الآيات الأخرى هي ارض فلسطين المقدسة التي يقع المسجد الأقصى المبارك في ربوعها.

1 - يراجع تفسير مجمع البيان أثناء تفسير الآية.
(٤٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»