الآية التي تليها تفصل ما أجملته من إشارة إلى الإفسادين الكبيرين لبني إسرائيل والحوادث التي تلي ذلك على أنها عقوبة إلهية فتقول: فإذا جاء وعد أولاهما وارتكبتم ألوان الفساد والظلم والعدوان بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد.
وهؤلاء القوم المحاربون الشجعان يدخلون دياركم للبحث عنكم:
فجاسوا خلال الديار.
وهذا الأمر لا مناص منه: وكان وعدا مفعولا.
ثم تشير بعد ذلك إلى أن الإلطاف الإلهية ستعود لتشملكم، وسوف تعينكم في النصر على أعدائكم، فتقول: ثم رددنا لكم الكرة عليكم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا (1).
وهذه المنة واللطف الإلهي بكم على أمل أن تعودوا إلى أنفسكم وتصلحوا أعمالكم وتتركوا القبائح والذنوب لأنه: إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها.
إن الآية تعبر عن سنة ثابتة، إذ أن محصلة ما يعمله الإنسان من سوء أو خير تعود إليه نفسه، فالإنسان عندما يلحق أذى أو سوءا بالآخرين، فهو في الواقع يلحقه بنفسه، وإذا عمل للآخرين، فإنما فعل الخير لنفسه، أما بنو إسرائيل، فهم مع الأسف لم توقظهم العقوبة الأولى، ولا نبهتهم عودة النعم الإلهية مجددا، بل تحركوا باتجاه الإفساد الثاني في الأرض وسلكوا طريق الظلم والجور والغرور والتكبر.
تقول الآية في وصف المشهد الثاني أنه حين يحين الوعد الإلهي سوف تغطيكم جحافل من المحاربين ويحيق بكم البلاء إلى درجة أن آثار الحزن والغم تظهر على وجوهكم: فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤوا وجوهكم.