الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣١٥
2 التفسير 3 ثمن الحياة الطيبة:
جاءت الآية الأولى من هذه الآيات لتؤكد على قبح نقض العهد مرة أخرى ولتبين عذرا آخرا من أعذار نقض العهد الواهية، فحيث تطرقت الآيات السابقة إلى عذر الخوف من كثرة الأعداء تأتي هذه الآية لتطرح ما للمصلحة الشخصية (المادية) من أثر سلبي على حياة الإنسان.
ولهذا تقول: ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا.
أي إن قيمة الوفاء بعهد الله لا تدانيها قيمة، ولو استلمتم زمام ملك الدنيا بأسرها فإنه لا يساوي قيمة لحظة واحدة من الوفاء بعهد الله.
وتضيف الآية المباركة للدلالة على هذا الأمر: إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون.
ويبين القرآن في الآية التالية سبب الأفضلية بقوله: ما عندكم ينفد وما عند الله باق لأن المنافع المادية وإن بدت كبيرة في الظاهر، إلا أنها لا تعدو أن تكون فقاعات على سطح ماء، في حين أن الجزاء والثواب الإلهي النابع من ذات الله المطلقة والمقدسة أعلى وأفضل من كل شئ.
ثم يضيف قائلا: ولنجزين الذين صبروا أجرهم - وعلى الأخص في الثبات على العهد والأيمان - بأحسن ما كانوا يعملون.
إن التعبير ب‍ " أحسن " دليل على أن أعمالهم الحسنة ليست بدرجة واحدة، فبعضها حسن والبعض الآخر أحسن، ولكن الله تعالى يجزي الجميع بأحسن ما كانوا يعملون، وهو ذروة اللطف والرحمة الربانية، كما لو مثلنا لذلك في مثل من حياتنا كأن يعرض بائع أنواعا من البضائع المتفاوتة في النوعية، فقسم منها بضائع جيدة، وقسم آخر بضائع رديئة، والبقية بين الاثنين، فيأتي مشتري ليأخذ الجميع بسعر النوعية الجيدة!
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»