الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣١٧
2 بحوث 3 1 - منابع الخلود إن طبيعة الحياة في هذا العالم المادي هي الفناء والهلاك، فأقوى الأبنية وأكثر الحكومات دواما وأشد البشر قدرة لا يعدون أن يصيروا في نهاية أمرهم إلى الضعف فالفناء، وكل شئ معرض للتلف بلا استثناء في هذا الأمر.
أما لو تمكنت الكائنات من أن توجد لها ارتباطا على نحو ما مع الذات الإلهية المقدسة، وتبقى تعمل لأجلها وفي سبيلها، فإنها والحال هذه ستصطبغ بصبغة الخلود، لأن ذات الله المقدسة أبدية وأزلية وكل من ينتسب إليه يحصل على صبغة الأبدية.
فالأعمال الصالحة أبدية، الشهداء لهم حياة أبدية، والأنبياء والعلماء المخلصون والمجاهدون في سبيل الله يبقى ذكرهم خالدا في ذاكرة التاريخ..
لأنهم يحملون الصبغة الإلهية.
ولهذا، تذكرنا الآيات أعلاه وتدعونا لأن ننقذ ذخائر وجودنا من الفناء، ونودعها في صندوق لا تطاله يد الزمان ولا تفنيه الليالي والأيام.
فهلموا لبذل الطاقات في سبيل الله وفي خدمة خلق الله، وكسب رضا الباري، لتصبح من مصاديق عند الله ولتكون باقية بمقتضى ما عند الله باق.
وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا عن ثلاث:
صدقة جارية، علم ينتفع به، وولد صالح يدعو له " (1).
وعن علي (عليه السلام) أنه قال: " شتان ما بين عملين: عمل تذهب لذته وتبقى تبعته، وعمل تذهب مؤنته ويبقى أجره " (2).

1 - إرشاد الديلمي.
2 - نهج البلاغة، الكلمات القصار، رقم 121.
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»