الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣١٢
في صدر الإسلام يعتنقون هذا الدين الإلهي العظيم هو التزام المسلمين الراسخ بالعهود والمواثيق ورعايتهم لأيمانهم.
وما لهذا الأمر من أهمية بحيث دفع سلمان الفارسي لأن يقول: (تهلك هذه الأمة بنقض مواثيقها) (1).
أي أن الوفاء بالعهد والميثاق كما أنه يوجب القدرة والنعمة والتقدم، فنقضهما يؤدي إلى الضعف والعجز والهلاك.
ونجد في التأريخ الإسلامي أن المسلمين عندما غلبوا جيش الساسانيين في عهد الخليفة الثاني وأسروا الهرمزان قائد جيش فارس، وجاؤوا به إلى عمر، قال له عمر: ما حجتك وما عذرك في انتقاضك مرة بعد أخرى؟
فقال: أخاف أن تقتلني قبل أن أخبرك.
قال: لا تخف ذلك، واستسقى ماء فأتى به في قدح غليظ.
فقال: لو مت عطشا لم أستطع أن أشرب في مثل هذا! فأتى به في إناء يرضاه..
فقال: إني أخاف أن أقتل وأنا أشرب.
فقال عمر: لا بأس عليك حتى تشربه، فأكفأه...
فقال عمر: أعيدوا عليه ولا تجمعوا عليه بين القتل والعطش..
فقال: لا حاجة لي في الماء، إنما أردت أن أستأمن به.
فقال عمر له: إني قاتلك.
فقال: قد أمنتني.
فقال: كذبت.
قال أنس: صدق يا أمير المؤمنين قد أمنته.
فقال عمر: يا أنس، أنا أؤمن قاتل مجزأة بن ثور، والبراء بن مالك! ولله لتأتين

1 - مجمع البيان، في تفسير الآية (94).
(٣١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 ... » »»