قال سبحانه: (وإذا البحار سجرت (١)، وقال تعالى: (وإذا البحار فجرت). (٢) ثم إن هذه الأقسام الثلاثة الأولى يجمعها شئ واحد وهو صلتها بالوحي وخصوصياته، حيث إن الطور هو محل نزول الوحي، والكتاب المسطور هو القرآن أو التوراة، والبيت المعمور هو الكعبة أو البيت الذي يطوف به الملائكة الذين هم رسل الله.
وأما الاثنان الآخران، أعني: السقف المرفوع والبحر المسجور، فهما من الآيات الكونية ومن دلائل توحيده ووجوده وصفاته.
لكن الرازي ذهب إلى أن الأقسام الثلاثة التي بينها صلة خاصة، هي الطور والبيت المعمور والبحر المسجور، وإنما جمعها في الحلف بها لأنها أماكن لثلاثة أنبياء ينفردون بها للخلوة بربهم والخلاص من الخلق والخطاب مع الله. أما الطور فانتقل إليه موسى، والبيت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، والبحر المسجور يونس (عليه السلام)، وكل خاطب الله هناك، فقال موسى: ﴿أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء﴾ (٣) وقال أيضا: (أرني أنظر إليك)، واما نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين لا أحصي ثناء عليك كما أثنيت على نفسك، وأما يونس فقال: ﴿لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين﴾ (4) فصارت الأماكن شريفة بهذه الأسباب وحلف الله تعالى بها.