وقد حكى سبحانه عملهم هذا في سورة الأنعام، وقال: (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون). (1) فالكفار لأجل جهلهم بمبدأ الفيض كانوا يتقربون إلى الآلهة الكاذبة - أعني:
الأصنام والأوثان - بتخصيص شئ مما رزقوا لها، مع أنه سبحانه هو الأولى بالتقرب لا غير، لأنه مبدأ الفيض وما سواه ممكن محتاج في وجوده وفعله، فكيف يتقربون إليه؟!
والعجب أنهم يجعلون نصيبا لله ونصيبا لشركائه، فما كان لله فهو يصل إلى شركائهم، وما كان لشركائهم لا يصل إلى الله سبحانه، وقد حكاه سبحانه في سورة الأنعام ، وقال: (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون). (2) وحاصل الآية: أنهم كانوا يجعلون من الزرع والمواشي حظا لله وحظا للأوثان، وقد أسماها سبحانه (شركائهم)، لانهم جعلوا الأوثان شركاءهم، حيث جعلوا لها نصيبا من أموالهم ينفقونه عليها فشاركوها في نعمهم.
وقد ذكر المفسرون في تفسير قوله تعالى (فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم) وجوها: (3) أولها: انهم كانوا يزرعون لله زرعا وللأصنام زرعا، فكان إذا زكا الزرع الذي