إسماعيل من عرب مضر أعم من أهل مكة وغيرهم، ولا ينافي كونه صلى الله عليه وآله وسلم مبعوثا إليهم وإلى غيرهم.
وقوله: " يتلو عليهم آياته " أي آيات كتابه مع كونه أميا. صفة للرسول.
وقوله: " ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة " التزكية تفعيل من الزكاة بمعنى النمو الصالح الذي يلازم الخير والبركة فتزكيته لهم تنميته لهم نماء صالحا بتعويدهم الأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة فيكملون بذلك في إنسانيتهم فيستقيم حالهم في دنياهم وآخرتهم يعيشون سعداء ويموتون سعداء.
وتعليم الكتاب بيان ألفاظ آياته وتفسير ما أشكل من ذلك، ويقابله تعليم الحكمة وهي المعارف الحقيقية التي يتضمنها القرآن، والتعبير عن القرآن تارة بالآيات وتارة بالكتاب للدلالة على أنه بكل من هذه العناوين نعمة يمتن بها - كما قيل -.
وقد قدم التزكية ههنا على تعليم الكتاب والحكمة بخلاف ما في دعوة إبراهيم عليه السلام لان هذه الآية تصف تربيته صلى الله عليه وآله وسلم لمؤمني أمته، والتزكية مقدمة في مقام التربية على تعليم العلوم الحقة والمعارف الحقيقية وأما ما في دعوة إبراهيم عليه السلام فإنها دعاء وسؤال أن يتحقق في ذريته هذه الزكاة والعلم بالكتاب والحكمة، والعلوم والمعارف أقدم مرتبة وأرفع درجة في مرحلة التحقق والاتصاف من الزكاة الراجعة إلى الأعمال والأخلاق.
وقوله: " وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " " إن " مخففة من الثقيلة والمراد أنهم كانوا من قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في ضلال مبين، والآية تحميد بعد تسبيح ومسوقة للامتنان كما سيأتي.
قوله تعالى: " وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم " عطف على الأميين وضمير " منهم " راجع إليهم و " من " للتبعيض والمعنى: بعث في الأميين وفي آخرين منهم لم يلحقوا بهم بعد وهو العزيز الذي لا يغلب في إرادته الحكيم الذي لا يلغو ولا يجازف في فعله.
قوله تعالى: " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم " الإشارة بذلك إلى بعث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم - وقد فخم أمره بالإشارة البعيدة - فهو صلى الله عليه وآله وسلم المخصوص بالفضل، والمعنى: ذلك البعث وكونه يتلو آيات الله ويزكي الناس ويعلمهم الكتاب والحكمة من فضل الله وعطائه يعطيه من تعلقت به مشيته وقد شاء أن يعطيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم والله ذو