تبروهم وتقسطوا إليهم " الخ، في هذه الآية والتي تتلوها توضيح للنهي الوارد في أول السورة، والمراد بالذين لم يقاتلوا المؤمنين في الدين ولم يخرجوهم غير أهل مكة ممن لم يقاتلوهم ولم يخرجوهم من ديارهم من المشركين من أهل المعاهدة، والبر والاحسان، والأقساط المعاملة بالعدل، و " إن تبروهم " بدل من " الذين " الخ، وقوله: " إن الله يحب المقسطين " تعليل لقوله: " لا ينهاكم الله " الخ.
والمعنى: " لا ينهاكم الله بقوله: " لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء " عن أن تحسنوا وتعاملوا بالعدل الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم لان ذلك منكم إقساط والله يحب المقسطين.
قيل: إن الآية منسوخة بقوله: " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " التوبة: 5، وفيه أن الآية التي نحن فيها لا تشمل بإطلاقها إلا أهل الذمة وأهل المعاهدة وأما أهل الحرب فلا، وآية التوبة إنما تشمل أهل الحرب من المشركين دون أهل المعاهدة فكيف تنسخ ما لا يزاحمها في الدلالة.
قوله تعالى: " إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم " الخ، المراد بالذين قاتلوكم الخ، مشركوا مكة، والمظاهرة على الاخراج المعاونة والمعاضدة عليه، وقوله: " أن تولوهم " بدل من " الذين قاتلوكم " الخ.
وقوله: " ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون " قصر إفراد أي المتولون لمشركي مكة ومن ظاهرهم على المسلمين هم الظالمون المتمردون عن النهي دون مطلق المتولين للكفار أو تأكيد للنهي عن توليهم.
(بحث روائي) في تفسير القمي في قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء " الآية: نزلت في حاطب بن أبي بلتعة ولفظ الآية عام ومعناها خاص وكان سبب ذلك أن حاطب بن أبي بلتعة قد أسلم وهاجر إلى المدينة وكان عياله بمكة، وكانت قريش تخاف أن يغزوهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصاروا إلى عيال حاطب وسألوهم أن يكتبوا إلى حاطب ويسألوه عن خبر محمد هل يريد أن يغزو مكة؟