" شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا " الآية، وقوله: " الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان " الآية وما يتكرر في السورة من حديث الرزق على ما سيجئ.
فالوحي هو الموضوع الذي يجرى عليه الكلام في السورة وما فيها من التعرض لايات التوحيد وصفات المؤمنين والكفار وما يستقبل كلا من الفريقين في معادهم ورجوعهم إلى الله سبحانه مقصود بالقصد الثاني وكلام جره كلام.
والسورة مكية وقد استثنى قوله: " والذين استجابوا لربهم " إلى تمام ثلاث آيات، وقوله: " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " إلى تمام أربع آيات وسيجئ الكلام فيها إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: " حم عسق " من الحروف المقطعة الواقعة في أوائل عدة من السور القرآنية، وذلك من مختصات القرآن الكريم لا يوجد في غيره من الكتب السماوية.
وقد اختلف المفسرون من القدماء والمتأخرين في تفسيرها وقد نقل عنهم الطبرسي في مجمع البيان أحد عشر قولا في معناها:
أحدها: أنها من المتشابهات التي استأثر الله سبحانه بعلمها لا يعلم تأويلها إلا هو.
الثاني: أن كلا منها اسم للسورة التي وقعت في مفتتحها.
الثالث: أنها أسماء القرآن أي لمجموعه.
الرابع: أن المراد بها الدلالة على أسماء الله تعالى فقوله: " ألم " معناه أنا الله أعلم، وقوله: " المر " معناه أنا الله أعلم وأرى، وقوله: " المص " معناه أنا الله أعلم وأفصل، وقوله: " كهيعص " الكاف من الكافي، والهاء من الهادي، والياء من الحكيم، والعين من العليم، والصاد من الصادق، وهو مروي عن ابن عباس، والحروف المأخوذة من الأسماء مختلفة في أخذها فمنها ما هو مأخوذ من أول الاسم كالكاف من الكافي، ومنها ما هو مأخوذ من وسطه كالياء من الحكيم، ومنها ما هو مأخوذ من آخر الكلمة كالميم من أعلم.
الخامس: أنها أسماء لله تعالى مقطعة لو أحسن الناس تأليفها لعلموا اسم الله الأعظم تقول:
الر وحم ون يكون الرحمن وكذلك سائرها إلا أنا لا نقدر على تأليفها وهو مروى عن سعيد بن جبير.
السادس: أنها أقسام أقسم الله بها فكأنه هو أقسم بهذه الحروف على أن القرآن كلامه