فقام سعد بن معاذ فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله كأنك أردتنا. فقال:
نعم. قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله إنا قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا ان ما جئت به حق من عند الله فمرنا بما شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، واترك منها ما شئت، والله لو أمرتنا ان نخوض هذا البحر لخضناه معك ولعل الله عز وجل ان يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله.
ففرح بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: سيروا على بركة الله فان الله عز وجل قد وعدني إحدى الطائفتين ولن يخلف الله وعده، والله لكأني انظر إلى مصرع أبى جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وفلان وفلان (1).
وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالرحيل، وخرج إلى بدر وهو بئر، وفي حديث أبي حمزة الثمالي: بدر رجل من جهينة والماء ماؤه فإنما سمى الماء باسمه، وأقبلت قريش وبعثوا عبيدها ليستقوا من الماء فأخذهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقالوا لهم: من أنتم؟
قالوا: نحن عبيد قريش. قالوا: فأين العير؟ قالوا: لا علم لنا بالعير فأقبلوا يضربونهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلى فانفتل من صلاته وقال: ان صدقوكم ضربتموهم وان كذبوكم تركتموهم، فأتوه بهم فقال لهم: من أنتم؟ قالوا: يا محمد نحن عبيد قريش، قال: كم القوم؟ قالوا: لا علم لنا بعددهم، قال: كم ينحرون في كل يوم من جزور؟
قالوا: تسعة إلى عشرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: القوم تسعمائة إلى الف رجل، وأمر صلى الله عليه وآله وسلم بهم فحبسوا وبلغ ذلك قريشا ففزعوا وندموا على مسيرهم.
ولقى عتبة بن ربيعة ابا البختري بن هشام فقال: اما ترى هذا البغى والله ما أبصر موضع قدمي خرجنا لنمنع عيرنا وقد أفلتت فجئنا بغيا وعدوانا، والله ما أفلح قوم بغوا قط، ولوددت ان ما في العير من أموال بني عبد مناف ذهبت ولم نسر هذا المسير، فقال له أبو البختري: انك سيد من سادات قريش فسر في الناس وتحمل العير التي أصابها محمد وأصحابه بنخلة (2) ودم ابن الحضرمي فإنه حليفك.