القرآن في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٢٤
تبلغ الا عدة مئات. ويلاحظ أن كل هذه الأحاديث ليست مسندة وصحيحة بل فيها المرسل الضعيف أيضا، والنظر والتأمل فيها يدعو الانسان إلى الشك فيها، لأنها:
أولا - سياق كثير منها يدل على أن الراوي لا ينقل السبب من طريق المشافهة والتحمل والحفاظ، بل ينقل قصة ما ثم يحمل الآيات عليها حملا ويربطها بها ربطا، وفي الحقيقة سبب النزول الذي يذكره انما هو سبب اجتهادي نظري وليس بسبب شاهده بالعيان وضبطه بحدوده الدقيقة.
والشاهد على ما نقول التناقض الكثير في هذه الأحاديث ونعني به أن الآية الواحدة يذكر فيها عدة أحاديث في أسباب النزول يناقض بعضها بعضا ولا يمكن جمعها بشكل من الأشكال حتى في بعض الآيات يذكر عن شخص واحد كابن عباس - مثلا أسبابا للنزول لا يمكن الجمع بينها.
ان ورود هذه الأحاديث المتناقضة المتهافتة لا يمكن حمله الا على أحد محملين: اما أن نقول إن أسباب النزول هذه نظرية اجتهادية وليست بنقلية وكان كل محدث يحاول أن يربط بين قصة ما والآية ربطا لا حقيقة له في الخارج، أو نقول بأن هذه الأحاديث كلها أو جلها مدسوسة ليس لها ظل من الواقع.
مع ورود هذه الاحتمالات تسقط أحاديث أسباب النزول عن الاعتبار، ولهذا لا يمكن الاطمئنان حتى على الأحاديث التي أسانيدها صحيحة، لأن صحة السند يرفع الكذب عن
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»