الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٤ - الصفحة ٢٥٢
من الله كذلك. عاد كلامه، قال (وأما التقدير فليس فإهانة فإن ترك التفضل لا يعد إهانة، ألا تراك تقول أكرمني زيد بالهدية ولا تقول أهانني ولا أكرمني إذا لم يهد إليك شيئا، قال: فإن قلت: فقد قال فأكرمه فصحح إكرامه وأثبته ثم أنكر قوله - ربى أكرمن - وذمه عليه كما أنكر قوله - ربى أهانن - وذمه عليه. وأجاب بأمرين: أحدهما أن المنكر عليه اعتقاده أن إكرام الله تعالى له عن استحقاق لمكان نسبه وحسبه وجلالة قدره كما كانوا يعتقدون الاستحقاق بذلك على الله كما قال - إنما أوتيته على علم -) قال أحمد: والقدري لا يبعد عن ذلك، لأنه يرى أن النعيم الأعظم في الآخرة حق للعبد على الله واجب له عليه ليس بتفضيل ولا ممنون. عاد كلامه، قال (الثاني أن سياق الانكار والذم إلى قوله - ربى أهانن - بمعنى أنه إذا تفضل عليه بالخير اعترف بتفضل الله تعالى، وإذا لم يتفضل عليه سمى ترك التفضل هوانا وليس بهوان، ويعضد هذا الوجه ذكر الاكرام في قوله - فأكرمه -) قال أحمد:
كأنه يجعل قوله فأكرمه توطئة لذمه على قوله أهانن لا أنه مذموم معه. عاد كلامه، قوله تعالى (كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين) الآية. قال فيه (إنما أضرب عن الأول للاشعار بأن هنا ما هو أشر من القول الأول الخ) قال أحمد: وفى هذه الآية إشعار بإبطال الجواب الثاني من جوابي الزمخشري، فإنه جعل قوله أكرمن غير مذموم، ودلت هذه الآية على أن المعنى أن للمكرم بالبسط بالرزق حالتين: إحداهما اعتقاد أن إكرام الله له عن استحقاق الثانية أشد من الأولى، وهى أن لا يعترف بالاكرام أصلا لأنه يفعل أفعال جاحدي النعمة
(٢٥٢)
مفاتيح البحث: الزمخشري (1)، الطعام (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 248 249 251 252 253 254 255 257 258 ... » »»