الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٤ - الصفحة ٢٢٦
إن المراد جبريل إلا أنه يأباه قوله - وما هو بقول شاعر - وقد وافق الزمخشري على ذلك فيما تقدم فهذا، أول النعوت وأعظمها وأما قوله - ذي قوة - فليس محل الخلاف إذ لا نزاع في أن لجبريل عليه السلام فضل القوة الجسمية، ومن يقتلع المدائن بريشة من جناحه لأمراء في فضل قوته على قوة البشر،، وقد قيل هذا في تفسير قوله - ذو مرة فاستوى - وقوله - عند ذي العرش مكين مطاع ثم - فقد ثبت طاعة الملائكة أيضا لنبينا صلى الله عليه وسلم، وورد " أن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يقرئك السلام، وقد أمر ملك الجبال أن يطيعك عندما آذته قريش، فسلم عليه الملك وقال: إن أمرتني أن أطبق عليهم الأخشبين فعلت، فصبر النبي صلى الله عليه وسلم واحتسب " وأعظم من ذلك وأشرف مقامه المحمود في الشفاعة الكبرى يوم لا يتقدمه أحد إذ يقول الله تعالى له " ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع " وأما - أمين - فقد قال وهو الصادق المصدوق " والله إني لأمين في الأرض أمين في السماء " وحسبك قوله - وما هو على الغيب بظنين - إن قرأته بالظاء فمعناه أنه صلى الله عليه وسلم أمين على الغيب غير متهم، وإن قرأته بالضاد رجع إلى الكرم، فكيف يذهب إلى التفضيل بالنعوت المشتركة بين الفاضل والمفضول سواء؟ ومالي مباحثة في أصل المسألة، ولكن الرد عليه في خطئه على كل قول يتعين، وإلا فالمسألة في غير هذا الكتاب، فنسأل الله أن يثبتنا على الايمان به وملائكته وكتبه ورسله، وعلى القول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يعمر قلوبنا بحبهم، وأن يجعل توسلنا إليه بهم، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 223 224 225 226 227 228 229 230 232 ... » »»