الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٤ - الصفحة ٢٢٥
ونحن نبين ذلك بحول الله وقوته فنقول: أولا اختلف أهل التفسير، فذهب منهم الجم الغفير إلى أن المراد بالرسول الكريم ههنا إلى آخر النعوت محمد صلى الله عليه وسلم، فإن لم يكن كذلك والله أعلم فذلك فضل الله المعتاد على نبيه وإن كان المراد جبريل عليه السلام فقد اختلف الناس في المفاضلة بين الملائكة والرسل، والمشهور عن أبي الحسن تفضيل الرسل، ومذهب المعتزلة تفضيل الملائكة، إلا أن المختلفين أجمعوا على أنه لا يسوغ تفضيل أحد القبيلين الجليلين بما يتضمن تنقيص معين من الملائكة ومعين من الرسل، لان التفضيل وإن كان ثابتا إلا أن في التعيين إيذاء للمفضول، وعليه حمل الحذاق قوله صلى الله عليه وسلم " لا تفضلوني على يونس بن متى " أي لا تعينوا مفضولا على التخصيص لان التفضيل على التعميم ثابت بإجماع المسلمين: أي تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم على النبيين أجمعين وكان جدي رحمه الله يوضح ذلك بمثال فيقول: لو قلت بحضرة جماعة من الفقهاء فلان أفضل أهل عصره لكان في الجماعة احتمال لهذا التفضيل وإن لزم اندراجهم في المفضولين، ولو عينت واحدا منهم وقلت فلان أفضل منك وأتقى لله لأسرع به الأذى إلى بغضك. وإذا تقرر لك أنه لا يلزم من اعتقاد التفضيل على التعميم جواز إطلاق التفضيل على التخصيص علمت أن الزمخشري أخطأ على أصله، لأنه بتقدير أن تكون الملائكة أفضل كما يعتقد لا يجوز أن يقال عن أحد من الملائكة على التخصيص إنه أفضل من أحد الأنبياء على التخصيص لا سيما في سيد ولد آدم عليه أفضل الصلاة والسلام، ثم يعود الكلام على الآية بعد تسليم أن المراد جبريل، وبعد أن نكله في تعيينه النبي صلى الله عليه وسلم وعده مفضولا إلى الله فنقول: لم يذكر فيها نعت إلا وللنبي صلى الله عليه وسلم مثله، أولها رسول كريم فقد قال في حقه صلى الله عليه وسلم في آخر سورة الحاقة - إنه لقول رسول كريم - وقد قيل أيضا
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»