قوله تعالى (ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا) قال (فإن قلت: أينصب خوفا وطمعا مفعولا لهما وليسا فعلى فاعل الفعل المعلل فما وجه ذلك؟ قلت: المفعولون هنا فاعلون لانهم راءون، فتقديره: يجعلكم رائين البرق خوفا وطمعا، أو على حذف مضاف تقديره: إرادة خوفكم وطمعكم) قال أحمد: الخوف والطمع من جملة مخلوقات الله تعالى وآثار قدرته، وحينئذ يلزم اجتماع شرائط النصب فيهما وهي كونهما مصدرين ومقارنين في الوجود والفاعل الخالق واحد، فلابد من التنبيه على تخريج النصب على غير هذا الوجه فنقول: معنى قول النحاة في المفعول له لابد وأن يكون فعل الفاعل: أي ولابد أن يكون الفاعل متصفا به. مثاله إذا قلت: جئتك إكراما لك فقد وصفت نفسك بالاكرام، فقلت في المعنى: جئتك مكرما لك، والله تعالى وإن خلق الخوف والطمع لعباده إلا أنه مقدس عن الاتصاف بهما، فمن ثم احتيج إلى تأويل النصب على المذهبين جميعا، والله أعلم.
قوله تعالى (ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون) الآية.
قال (إن قلت: ما بال الإعادة استعظمت في قوله " ثم إذا دعاكم " حتى كأنها فضلت على قيام السماوات والأرض؟
قلت: الإعادة في نفسها عظيمة ولكنها هونت بالنسبة إلى الانشاء) قال أحمد: إنما يلقى في السؤال تعظيم الإعادة من عطفها بثم إيذانا بتغاير مرتبتها وعلو شأنها، وقوله في الجواب إنها هونت بالنسبة إلى الانشاء لا يخلص، فإن الإعادة ذكرت ههنا عقيب قيام السماوات والأرض بأمره، وقيامهما ابتداء وإنشاء أعظم من الإعادة فيلزم تعظيم الإعادة بالنسبة إلى ما عطف عليه عن الانشاء ويعود الاشكال. والمخلص والله أعلم جعل ثم على بابها لتراخي الزمان لا لتراخي المراتب، وإن سلم أنها لتراخي المراتب فعلى أن تكون مرتبة المعطوف عليه العليا ومرتبة المعطوف هي الدنيا، وذلك نادر في مجيئها لتراخي المراتب فإن المعطوف حينئذ في أكثر المواضع أرفع درجة من المعطوف عليه، والله أعلم.