الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٢ - الصفحة ٢٥٠
قوله تعالى (وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك) قال (قلت: هو دعاء بلفظ الأمر الخ) قال أحمد: وهذا من اعتزاله الخفي الذي هو أدق من دبيب النمل يكاد الاطلاع عليه أن يكون كشفا، ووجه ذلك أنه علم أن الظاهر بل والباطن أن اللام للتعليل وأن الفعل منصوب بها، ومعنى ذلك إخبار موسى عليه السلام بأن الله إنما أمدهم بالزينة والأموال وما يتبعهما من النعم استدراجا ليزدادوا إثما وضلالة، كما أخبر تعالى عن أمثالهم بقوله - إنما نملى لهم ليزدادوا إثما - وهذا المعنى منتظم على جعل اللام للتعليل، والزمخشري بنى على القاعدة الفاسدة في استحالة ذلك على الله تعالى لاعتقاده أن من الجور أن يملى لهم في الضلالة ويعاقبهم عليها، فهو متبتل لما يرد من الآيات بعمل الحيلة في تأويلها وردها إلى معتقده وجعلها تبعا له كما تقدم له تأويل قوله - ليزدادوا إثما - وكأين من آية غراء رام أن يستر غرتها ويطفئ نورها بأمثال هذه التأويلات الرديئة لفظا وعقدا - ويأبى الله إلا أن يتم نوره - ثم لا يسعه إلا أن يحمل موسى عليه السلام على أمثال هذه المعتقدات، ولقد برأه الله وكان عند الله وجيها.]
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 238 240 247 250 251 252 253 254 257 ... » »»