الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٢ - الصفحة ١٧٤
قوله تعالى (إلا الذين عاهدتم) قال (إن قلت: مم هذا الاستثناء؟ قلت: وجهه أن يكون مستثنى الخ) قال أحمد: ويجوز أن يكون قوله فسيحوا خطابا من الله تعالى للمشركين غير مضمر قبله القول، ويكون الاستثناء على هذا من قوله إلى الذين عاهدتم، كأنه قيل براءة من الله ورسوله إلى المعاهدين لا الباقين على العهد، فأتموا إليهم أيها المسلمون عهدهم، ويكون فيه خروج من خطاب المسلمين في قوله " إلى الذين عاهدتم " إلى خطاب المشركين في قوله فسيحوا، ثم التفات من التكلم إلى الغيبة بقوله - واعلموا أنكم غير معجزى الله وأن الله - وأصله واعلموا أنكم غير معجزى وأنى، وفي هذا الالتفات بعد الالتفات الأول افتنان في أساليب البلاغة وتفخيم للشأن وتعظيم للأمر، ثم يتلو هذا الالتفات العود إلى خطاب المسلمين بقوله - إلا الذين عاهدتم ثم لم ينقصوكم فأتموا - وكل هذا من حسنات الفصاحة، وإنما بعث الزمخشري على تقدير القول قبل فسيحوا مراعاة أن يطابق قوله فأتموا، إذ المخاطب على هذا التقدير المسلمون أولا وثانيا، ولا يكون فيه شئ من الالتفاتات المبنية على التأويل الذي ذكرناه، وكلا الوجهين ممتاز بنوع من البلاغة وطرف من الفصاحة، والله أعلم.
(١٧٤)
مفاتيح البحث: الزمخشري (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 171 172 174 175 176 177 178 179 ... » »»