العهد الذي عاهدتم به المشركين الخ) قال أحمد: ووراء ما ذكره سر آخر هو المرعى والله أعلم، وذلك أن نسبة العهد إلى الله ورسوله في مقام نسب إليه النبذ من المشركين لاتحسن شرعا، ألا ترى إلى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمراء السرايا حيث يقول لهم: وإذا نزلت بحصن فطلبوا النزول على حكم الله فأنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أصادفت حكم الله فيهم أولا، وإن طلبوا ذمة الله فأنزلهم ذمتك، فأن تخفر ذمتك خير من أن تخفر ذمة الله. فانظر إلى أمره عليه الصلاة والسلام بتوقير ذمة الله مخافة أن تخفر، وإن كان لم يحصل بعد ذلك الأمر المتوقع، فتوقير عهد الله وقد تحقق من المشركين النكث وقد تبرأ من الله ورسوله بأن لا ينسب العهد المنبوذ إلى الله أحرى وأجدر، فلذلك نسب المسلمين دون البراءة منه، والله أعلم.
(١٧٢)