إملاء ما من به الرحمن - أبو البقاء العكبري - ج ١ - الصفحة ٣٤
إذا نجا فأصلها أوأل، ثم خففت الهمزة بأن أبدلت واوا ثم أدغمت الأولى فيها.
وهذا ليس بقياس، بل القياس في تخفيف مثل هذه الهمزة أن تلقى حركتها على الساكن قبلها وتحذف، وقال بعضهم من آل يؤول، فأصل الكلمة أول. ثم أخرت الهمزة الثانية فجعلت بعد الواو، ثم عمل فيها ما عمل في الوجه الذي قبله فوزنه الآن أعفل (كافر) لفظه واحد. وهو في معنى الجمع: أي أول الكفار. كما يقول هو أحسن رجل، وقيل التقدير: أول فريق كافر.
قوله تعالى (وتكتموا الحق) هو مجزوم بالعطف على: ولا تلبسوا. ويجوز أن يكون نصبا على الجواب بالواو أي لا تجمعوا بينهما كقولك لا تأكل السمك وتشرب اللبن (وأنتم تعلمون) في موضع نصب على الحال، والعامل لا تلبسوا وتكتموا.
قوله تعالى (وأقيموا الصلاة) أصل أقيموا أقوموا. فعمل فيه ما ذكرناه في قوله " ويقيمون الصلاة " في أول السورة (وآتوا الزكاة) أصله آتيوا.
فاستثقلت الضمة على الياء فسكنت وحذفت لالتقاء الساكنين. ثم حركت التاء بحركة الياء المحذوفة، وقيل ضمت تبعا للواو كما ضمت في اضربوا ونحوه، وألف الزكاة منقلبة عن واو لقولهم: زكا الشئ يزكو، وقالوا في الجمع زكوات (مع الراكعين) ظرف.
قوله تعالى (وتنسون) أصله تنسيون، ثم عمل فيه ما ذكرناه في قوله تعالى " اشتروا الضلالة " (أفلا تعقلون) استفهام في معنى التوبيخ ولا موضع له.
قوله تعالى (واستعينوا) أصله استعونوا، وقد ذكر في الفاتحة (وإنها) الضمير للصلاة، وقيل للاستعانة لأن استعينوا يدل عليها، وقيل على القبلة لدلالة الصلاة عليها، وكان التحول إلى الكعبة شديدا على اليهود (إلا على الخاشعين) في موضع نصب بكبيرة، وإلا دخلت للمعنى ولم تعمل. لأنه ليس قبلها ما يتعلق بكبيرة ليستثني منه. فهو كقولك هو كبير على زيد.
قوله تعالى (الذين يظنون) صفة للخاشعين، ويجوز أن يكون في موضع نصب بإضمار أعنى، ورفع بإضمارهم (أنهم) أن واسمها وخبرها ساد مسد المفعولين لتضمنه ما يتعلق به الظن وهو اللقاء. وذكر من أسند إليه اللقاء. وقال الأخفش: أن وما عملت فيه مفعول واحد، وهو مصدر، والمفعول الثاني محذوف
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست