إملاء ما من به الرحمن - أبو البقاء العكبري - ج ١ - الصفحة ٢٣
قارب الوقوع، وموضع (يخطف) نصب لأنه خبر كاد، والمعنى: قارب البرق خطف الأبصار، والجمهور على فتح الياء والطاء وسكون الخاء وماضيه خطف كقوله تعالى (إلا من خطف الخطفة) وفيه قراءات شاذة: إحداها كسر الطاء على أن ماضيه خطف بفتح الطاء، والثانية بفتح الياء والخاء والطاء وتشديد الطاء، والأصل:
يختطف، فأبدل من التاء طاء وحركت بحركة التاء، والثالثة كذلك، إلا أنها بكسر الطاء على ما يستحقه في الأصل، والرابعة كذلك، إلا أنها بكسر الخاء أيضا على الاتباع، والخامسة بكسر الياء أيضا اتباعا أيضا، والسادسة بفتح الياء وسكون الخاء وتشديد الطاء، وهو ضعيف لما فيه من الجمع بين الساكنين (كلما) هي هنا ظرف، وكذلك كل موضع كان لها جواب، و " ما " مصدرية، والزمان محذوف أي كل وقت إضاءة، وقيل " ما " هنا نكرة موصوفة ومعناها الوقت، والعائد محذوف: أي كل وقت أضاء لهم فيه، والعامل في كل جوابها، و (فيه) أي في ضوئه والمعنى بضوئه، ويجوز أن يكون ظرفا على أصلها، والمعنى: إنهم يحيط بهم الضوء (شاء) ألفا منقلبة عن ياء لقولهم في مصدره: شئت شيئا، وقالوا: أشأته أي حملته على أن يشاء (لذهب بسمعهم) أي أعدم المعنى الذي يسمعون به، وعلى كل متعلق ب‍ (قدير) في موضع نصب.
قوله تعالى (يا أيها الناس) أي اسم مبهم لوقوعه على كل شئ أتى به في النداء توصلا إلى نداء ما فيه الألف واللام إذا كانت " يا " لا تباشر الألف واللام، وبنيت لأنها اسم مفرد مقصود وها مقحمة للتنبيه، لأن الأصل أن تباشر " يا " الناس، فلما حيل بينهما بأي عوض من ذلك " ها " والناس وصف لأي لابد منه، لأنه المنادى في المعنى، ومن هاهنا رفع، ورفعه أن يجعل بدلا من ضمة البناء، وأجاز المازني نصبه كما يجيز: يا زيد الظريف، وهو ضعيف لما قدمنا من لزوم ذكره، والصفة لا يلزم ذكرها (من قبلكم) من هنا لابتداء الغاية في الزمان، والتقدير:
والذين خلقهم من قبل خلقكم، فحذف الخلق وأقام الضمير مقامه (لعلكم) متعلق في المعنى باعبدوا، أي اعبدوه ليصح منكم رجاء التقوى، والأصل توتقيون، فأبدل من الواو تاء وأدغمت في التاء الأخرى وسكنت الياء ثم حذفت، وقد تقدمت نظائره، فوزنه الآن تفتعون.
قوله تعالى (الذي جعل) هو في موضع نصب بتتقون أو بدل من ربكم، أو صفة مكررة، أو بإضمار أعنى، ويجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار هو
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست