على تشديد الباء للتكثير، وقرئ بالتخفيف (بلاء) الهمزة بدل من واو، لأن الفعل منه بلوته، ومنه قوله " ولنبلونكم (من ربكم) في موضع رفع صفة لبلاء فيتعلق بمحذوف.
قوله تعالى (فرقنا بكم البحر) بكم في موضع نصب مفعول ثان، والبحر مفعول أول، والباء هنا في معنى اللام، ويجوز أن يكون التقدير، بسببكم، ويجوز أن تكون المعدية كقولك: ذهبت بزيد، فيكون التقدير: أفرقناكم البحر، ويكون في المعنى كقوله تعالى " وجاوزنا ببني إسرائيل البحر " ويجوز أن تكون الباء للحال:
أي فرقنا البحر وأنتم به، فيكون إما حالا مقدرة أو مقارنة (وأنتم تنظرون) في موضع الحال. والعامل أغرقنا.
قوله تعالى (وعدنا موسى) وعد يتعدى إلى مفعولين تقول: وعدت زيدا مكان كذا ويوم كذا. فالمفعول الأول موسى. و (أربعين) المفعول الثاني، وفى الكلام حذف تقديره تمام أربعين. وليس أربعين ظرفا إذ ليس المعنى وعده في أربعين، ويقرأ واعدنا بألف. وليس من باب المفاعلة الواقعة من اثنين، بل مثل قولك: عافاه الله. وعاقبت اللص، وقيل هو من ذلك لأن الوعد من الله والقبول من موسى. فصار كالوعد منه، وقيل إن الله أمر موسى أن يعد بالوفاء ففعل.
وموسى مفعل من أوسيت رأسه إذا حلقته. فهو مثل أعطى فهو معطى، وقيل هو فعلى من ماس يميس إذا تبختر في مشيه، فموسى الحديد من هذا المعنى لكثرة اضطرابها وتحركها وقت الحلق. فالواو في موسى على هذا بدل من الياء لسكونها وانضمام ما قبلها، وموسى اسم النبي لا يقضى عليه بالاشتقاق لأنه أعجمي، وإنما يشتق موسى الحديد (ثم اتخذتم العجل) أي إلها فحذف المفعول الثاني ومثله " باتخاذكم العجل " وقد تأتى اتخذت متعدية إلى مفعول واحد إذا كانت بمعنى جعل وعمل، كقوله تعالى " وقالوا اتخذ الله ولدا " وكقولك: اتخذت دارا وثوبا وما أشبه ذلك، ويجوز إدغام الذال في التاء لقرب مخرجيهما، ويجوز الإظهار على الأصل (من بعده) أي من بعد انطلاقه فحذف المضاف.
قوله تعالى (لعلكم) اللام الأولى أصل عند جماعة، وإنما تحذف تخفيفا في قولك علك، وقيل هي زائدة والأصل علك، ولعل حرف والحذف تصرف والحرف بعيد منه.