إملاء ما من به الرحمن - أبو البقاء العكبري - ج ١ - الصفحة ١٩٧
(من بعلها) يجوز أن يكون متعلقا بخافت، وأن يكون حالا من (نشوزا) و (صلحا) على هذا مصدر واقع موقع تصالح، ويجوز أن يكون التقدير: أن يصالحا فيصلحا صلحا، ويقرأ بتشديد الصاد من غير ألف وأصله يصطلحا، فأبدلت التاء صادا وأدغمت فيها الأولى، وقرئ " يصطلحا " بإبدال التاء طاء وصلحا عليهما في موضع اصطلاح، وقرئ بضم الياء وإسكان الصاد وماضيه أصلح. وصلحا على هذا فيه وجهان: أحدهما هو مصدر في موضع إصلاح والمفعول به بينهما، ويجوز أن يكون ظرفا والمفعول محذوف. والثاني أن يكون صلحا مفعولا به وبينهما ظرف أو حال من صلح (وأحضرت الأنفس الشح) أحضرت يتعدى إلى مفعولين، تقول: أحضرت زيدا الطعام، والمفعول الأول الأنفس وهو القائم مقام الفاعل، وهذا الفعل منقول بالهمزة من حضر، وحضر يتعدى إلى مفعول واحد كقولهم حضر القاضي اليوم امرأة.
قوله تعالى (كل الميل) انتصاب كل على المصدر لأن لها حكم ما تضاف إليه، فإن أضيفت إلى مصدر كانت مصدرا، وإن أضيفت إلى ظرف كانت ظرفا (فتذروها) جواب النهى فهو منصوب، ويجوز أن يكون معطوفا على تميلوا فيكون مجزوما (كالمعلقة) الكاف في موضع نصب على الحال.
قوله تعالى (وإياكم) معطوف على الذين، وحكم الضمير المعطوف أن يكون منفصلا، و (أن اتقوا الله) في موضع نصب عند سيبويه وجر عند الخليل، والتقدير: بأن اتقوا الله، وأن على هذا مصدرية، ويجوز أن تكون بمعنى أي، لأن وصينا في معنى القول فيصح أن يفسر بأن التفسيرية.
قوله تعالى (شهداء) خير ثان، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في قوامين (على أنفسكم) يتعلق بفعل دل عليه شهداء: أي ولو شهدتم، ويجوز أن يتعلق بقوامين (إن يكن غنيا) اسم كان مضمر فيها دل عليه تقدم ذكر الشهادة:
أي إن كان الخصم، أو أن كان كل واحد من المشهود عليه والمشهود له، وفى (أو) وجهان أحدهما هي بمعنى الواو، وحكى عن الأخفش، فعلى هذا يكون الضمير في (بهما) عائدا على لفظ غنى وفقير. والوجه الثاني أن أو على بابها، وهي هنا لتفصيل ما أبهم من الكلام، وذلك أن كل واحد من المشهود عليه والمشهود له يجوز أن يكون غنيا وأن يكون فقيرا، فقد يكونان غنيين، وقد يكونان فقيرين، وقد يكون أحدهما غنيا والآخر فقيرا، فلما كانت الأقسام عند التفصيل على ذلك ولم تذكر
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»
الفهرست