قوله تعالى (وما يتلى) في " ما " وجوه: أحدها موضعها جر عطفا على الضمير المجرور بفي، وعلى هذا قول الكوفيين لأنهم يجيزون العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار. والثاني أن يكون في موضع نصب على معنى: ونبين لكم ما يتلى لأن يفتيكم يبين لكم. والثالث هو في موضع رفع، وهو المختار. وفى ذلك ثلاثة أوجه: أحدها هو معطوف على ضمير الفاعل في يفتيكم، وجرى الجار والمجرور مجرى التوكيد، والثاني هو معطوف على اسم الله وهو قل الله، والثالث أنه مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: وما يتلى عليكم في الكتاب يبين لكم، وفى تتعلق بيتلى، ويجوز أن تكون حالا من الضمير في يتلى، و (في يتامى) تقديره: حكم يتامى، ففي الثانية بما تعلقت به الأولى لأن معناها مختلف، فالأولى ظرف والثانية بمعنى الباء: أي بسبب اليتامى كما تقول: جئتك في يوم الجمعة في أمر زيد، وقيل الثانية بدل من الأولى، ويجوز أن تكون الثانية تتعلق بالكتاب: أي ما كتب في حكم اليتامى، ويجوز أن تكون الأولى ظرفا والثانية حالا فتتعلق بمحذوف، ويتامى (النساء) أي في اليتامى منهن. وقال الكوفيون التقدير: في النساء اليتامى، فأضاف الصفة إلى الموصوف، ويقرأ في " ييامى " بياءين والأصل أيامى، فأبدلت الهمزة ياء كما قالوا: فلان ابن أعسر ويعصر، وفى الأيامى كلام نذكره في موضعه إن شاء الله. (وترغبون) فيه وجهان: أحدهما هو معطوف على تؤتون، والتقدير:
ولا ترغبون، والثاني هو حال: أي وأنتم ترغبون في أن تنكحوهن (والمستضعفين) في موضع جر عطفا على المجرور في يفتيكم فيهن، وكذلك (وأن تقوموا) وهذا أيضا عطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، وقد ذكره الكوفيون، ويجوز أن يكون في موضع نصب عطفا على موضع فيهن، والتقدير: ويبين لكم حال المستضعفين وبهذا التقدير يدخل في مذهب البصريين من غير كلفة، والجيد أن يكون معطوفا على يتامى النساء، وأن تقوموا معطوف عليه أيضا: أي وفى أن تقوموا.
قوله تعالى (وإن امرأة) امرأة مرفوع بفعل محذوف: أي وإن خافت امرأة، واستغنى عنه بخافت المذكور. وقال الكوفيون: هو مبتدأ وما بعده الخبر، وهذا عندنا خطأ لأن حرف الشرط لا معنى له في الاسم فهو مناقض للفعل، ولذلك جاء الفعل بعد الاسم مجزوما في قول عدى:
ومتى واغل ينبهم يحيوه * ويعطف عليه كأس الساقي