تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٥١٤
وصنائعهم (1)، فما من صناعة إلا والحديد آلة فيها (وليعلم الله من ينصره ورسله) باستعمال السيوف وسائر الأسلحة في مجاهدة أعداء الدين (بالغيب) غائبا عنهم، عن ابن عباس: ينصرونه ولا يبصرونه (2)، (إن الله قوى) بقدرته (عزيز) يهلك من أراد هلاكه، فهو غني عن خلقه، وإنما كلفهم الجهاد ليصلوا بامتثال أمره إلى الثواب.
خص سبحانه نوحا وإبراهيم بالذكر لأنهما أبوا الأنبياء. (والكتب):
الوحي، وعن ابن عباس: الخط بالقلم (3) (فمنهم) فمن الذرية، أو: من المرسل إليهم، ودل عليه ذكر الإرسال والمرسلين، أي: فمنهم (مهتد) ومنهم فاسق، والغلبة للفساق.
وقرئ: " رآفة " (4) والمعنى: وفقناهم للتعاطف والتراحم بينهم، والرهبانية:
ترهبهم في الجبال والصوامع، وانفرادهم عن الجماعة للعبادة، ومعناها: الفعلة المنسوبة إلى الرهبان وهو الخائف، فعلان من رهب، أي خاف، كخشيان من خشي، وانتصابها بفعل مضمر يفسره الظاهر، والتقدير: ابتدعوا رهبانية (ابتدعوها) أي: وأحدثوها من عند أنفسهم ونذروها (ما كتبنها عليهم) لم نفرضها نحن عليهم (إلا ابتغآء رضون الله) استثناء منقطع، أي: ولكنهم ابتدعوها (ابتغآء رضون الله فما رعوها حق رعايتها) كما يجب على الناذر رعاية نذره لأنه عهد مع الله لا يحل نكثه. (فآتينا الذين ءامنوا منهم) بعيسى، وهم أهل

(1) في نسخة: " ومنافعهم ".
(2) حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 481.
(3) حكاه عنه الزمخشري أيضا في الكشاف.
(4) على زنة " فعالة " بإبدال الهمزة ألفا وهي قراءة أبي عمرو والأعشى. راجع كتاب التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 565.
(٥١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 509 510 511 512 513 514 515 517 518 519 520 ... » »»