تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١١
وتسمون الماهر في صناعته معاودا، بمعنى: أنه عاودها كرة بعد أخرى حتى مرن عليها، وذكر الضمير لأن المراد: وأن يعيده أهون عليه، وقيل: الأهون بمعنى الهين (1)، كقول الشاعر:
لعمرك ما أدري وإني لاوجل (2) أي: لوجل (وله المثل الأعلى) أي: الوصف الأعلى الذي ليس لغيره مثله، قد وصف به (في السموات والارض) وهو أنه القادر الذي لا يعجز عن شيء من إنشاء وإعادة (وهو العزيز) القاهر (الحكيم) المحكم لأفعاله. وعن قتادة:
المثل الأعلى قول: " لا إله إلا الله " وهو الوصف بالوحدانية (3).
(ضرب لكم مثلا من أنفسكم) أي: أخذ لكم مثلا وانتزعه من أقرب شيء منكم وهو أنفسكم، ف‍ " من " هنا لابتداء الغاية (هل لكم مما ملكت أيمنكم من شركآء) أي: هل ترضون لأنفسكم وعبيدكم أمثالكم بشر كبشر وعبيد كعبيد أن يشاركوكم فيما (رزقنكم) من الأموال تكونون أنتم وهم فيه على السواء من غير تفرقة بينكم وبينهم، تهابون أن تستبدوا بالتصرف دونهم كما يهاب بعضكم بعضا من الأحرار، فإذا لم ترضوا بذلك لأنفسكم فكيف ترضون لرب الأرباب ومالك الرقاب من العبيد والأحرار أن تجعلوا بعض عبيده له شركاء (كذا لك) يعني: مثل هذا التفصيل (نفصل الآيت) أي: نبينها، لأن التمثيل مما يوضح المعاني الخفية، ويكون كالتشكيل والتصوير لها. (بل اتبع الذين ظلموا) أي:

(١) قاله ابن عباس. راجع التبيان: ج ٨ ص ٢٤٥.
(2) وعجزه: على أينا تغدو المنية أول. والبيت منسوب لمعن بن أوس. وهو واضح المعنى.
راجع الحماسة البصرية: ج 2 ص 6.
(3) حكاه عنه الطبري في تفسيره: ج 10 ص 181.
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»