تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٧٧٨
واتصل قوله: * (فإذا ركبوا) * بمحذوف دل عليه ما شرحه من أمرهم، والمعنى:
أنهم على ما وصفوا به من الشرك والعناد فإذا ركبوا في الفلك * (دعوا الله) * كائنين في صورة من يخلص الدين لله من المؤمنين، حيث لا يذكرون إلا الله، ولا يدعون معه إلها آخر * (فلما نجاهم إلى البر) * وأمنوا عادوا إلى حالهم الأولى من الإشراك معه في العبادة.
* (ليكفروا... وليتمتعوا) * قرئ بكسر اللامين، فيحتمل أن يكون لام كي، بمعنى: أنهم يعودون إلى شركهم ليكونوا بالعود كافرين بنعمة الله قاصدين التمتع بها والتلذذ لا غير، وأن يكون لام الأمر على معنى التهديد والتوعيد، وقراءة من قرأ: " وليتمتعوا " بالسكون (1) تشهد له، ونحوه قوله سبحانه: * (اعملوا ما شئتم) * (2).
ثم ذكرهم الله سبحانه النعمة عليهم في كونهم آمنين من القتل والغارة، والعرب حول مكة يغزو بعضهم بعضا، ويتغاورون مع قلتهم وكثرة العرب، ووبخهم بأنهم يؤمنون بالباطل الذي هم عليه، وهذه النعمة الظاهرة إلى غيرها من نعم الله مكفورة عندهم.
* (أليس في جهنم) * كقول الشاعر:
ألستم خير من ركب المطايا * وأندى العالمين بطون راح (3) والهمزة همزة الإنكار دخلت على النفي فرجع إلى معنى التقرير، وفيها وجهان: أحدهما: ألا يثوون في جهنم، ولا يستحقون الثواء فيها وقد افتروا مثل هذا الكذب على الله في ادعائهم له شريكا، وكذبوا بالحق هذا التكذيب؟ والثاني:

(١) قرأه ابن كثير وحمزة والكسائي وقالون. راجع التيسير في القراءات للداني: ص ١٧٤.
(٢) فصلت: ٤٠.
(3) البيت لجرير من قصيدة يمدح بها عبد الملك بن مروان. راجع ديوان جرير: ص 77.
(٧٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 769 770 771 772 773 774 775 776 777 778 779 » »»