الذي هو آلة السماع، كأن جملته أذن سامعة كما سموا الربيئة (1) بالعين، و * (أذن خير) * كقولك: رجل صدق، تريد الجودة والصلاح، كأنه سبحانه قال: * (قل) * نعم هو أذن ولكن نعم الأذن، أو يريد: هو أذن في الخير وفيما يجب سماعه، وليس بأذن في غير ذلك، ويدل عليه قراءة حمزة: " ورحمة " (2) بالجر عطفا عليه، أي:
هو أذن خير لكم ورحمة لا يسمع غيرهما ولا يقبله.
ثم فسر كونه أذن خير بأنه يصدق * (بالله) * ويقبل من * (المؤمنين) * ويصدقهم فيما يخبرونه به، ولهذا عدي الأول بالباء والثاني باللام، كما في قوله:
* (وما أنت بمؤمن لنا) * (3)، * (و) * هو * (رحمة) * لمن آمن * (منكم) * أي: أظهر الإيمان أيها المنافقون، حيث يسمع منكم ويقبل إيمانكم ولا يفضحكم مراعاة لما رأى الله سبحانه من المصلحة في الإبقاء عليكم، فهو أذن كما قلتم إلا أنه أذن خير لكم لا أذن سوء، فسلم لهم قولهم فيه، إلا أنه فسر بما هو مدح له وإن كانوا قصدوا به المذمة، وأنه من أهل سلامة القلب.
وروي: أن جماعة ذموه وبلغه ذلك، فقال بعضهم: لا عليكم، فإنما هو أذن سامعة، يسمع كلام المبلغ ونحن نأتيه فنعتذر إليه فيسمع عذرنا أيضا (4).
وقرئ: " أذن خير لكم " (5) وهو خبر مبتدأ محذوف، و " خير " مثله، أي:
هو أذن، هو خير لكم، يعني: إن كان كما تقولون فهو خير لكم، لأنه يقبل عذركم