تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٦٨
حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون (48)) * أي: ليس من عادة المؤمنين أن يستأذنوك في * (أن يجهدوا) *، أو كراهة أن يجاهدوا. * (إنما يستأذنك) * المنافقون * (يترددون) * عبارة عن التحير، لأن التردد صفة المتحير كما أن الثبات صفة المستبصر. * (ولكن كره الله انبعاثهم) * خروجهم إلى الغزو لعلمه بأنهم لو خرجوا لكانوا يمشون بالنميمة من المسلمين * (فثبطهم) * أي: بطأ بهم وكسلهم وخذلهم لما علم منهم من الفساد، وإنما وقع الاستدراك ب‍ * (لكن) * لأن قوله: * (ولو أرادوا الخروج) * يعطي معنى النفي، فكأنه قيل: لم يخرجوا ولكن تثبطوا عن الخروج، لأن الله كره انبعاثهم فضعف رغبتهم في الانبعاث * (وقيل اقعدوا مع) * النساء والصبيان، وهو إذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لهم في القعود، وفي هذا دلالة على أن إذنه (عليه السلام) لهم غير قبيح وإن كان الأولى أن لا يأذن ليظهر للناس نفاقهم.
ثم بين سبحانه وجه الحكمة في تثبيطهم عن الخروج فقال: * (لو خرجوا فيكم) * أي: لو خرج هؤلاء معكم إلى الجهاد * (ما زادوكم) * بخروجهم * (إلا خبالا) * أي: فسادا وشرا، وتقديره: ما زادوكم شيئا إلا خبالا * (ولأوضعوا خلالكم) * أي:
ولسعوا بينكم بالتضريب (1) والنمائم وإفساد ذات البين، يقال: وضع البعير وضعا:
إذا أسرع، وأوضعته أنا، والمعنى: ولأوضعوا ركائبهم بينكم، والمراد: الإسراع بالفساد، لأن الراكب أسرع من الماشي * (يبغونكم الفتنة) * أي: يحاولون (2) أن يفتنوكم بأن يوقعوا الخلاف فيما بينكم، ويفسدوا نياتكم في غزواتكم * (وفيكم سمعون لهم) * أي: عيون نمامون يسمعون حديثكم فينقلونه إليهم، أو: فيكم قوم يسمعون قول المنافقين ويقبلونه ويطيعونهم، يريد من كان ضعيف الإيمان من

(1) في نسخة: بالتفريق.
(2) في بعض النسخ: يجادلون بالجيم.
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»