هذا تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله)، أي: * (كذلك) * كان كل نبي قبلك مبتلى بعداوة قومه، وكفاك بي * (هاديا) * إلى الانتصار منهم، وناصرا لك عليهم. والعدو يكون واحدا وجمعا.
و * (نزل) * هنا بمعنى " أنزل "، كخبر وأخبر، أي: هلا أنزل * (عليه القرآن) * دفعة في وقت واحد كما أنزلت التوراة والإنجيل والزبور * (جملة وا حدة) *، وقوله:
* (كذلك) * جواب لهم، أي: كذلك أنزل مفرقا. والحكمة فيه أن نثبت به قلبك ونقويه بتفريقه حتى تعيه وتحفظه، لأن المتلقن إنما يقوى قلبه بأن يحفظ العلم شيئا بعد شئ، وأيضا فإن فيه ناسخا ومنسوخا وما هو جواب للسائل على حسب سؤاله، ولا يتأتى ذلك فيما ينزل جملة واحدة، ولأنه كان (عليه السلام) أميا لا يقرأ ولا يكتب ولابد له من التلقن، فأنزل عليه مفرقا، وكان موسى وعيسى قارئين وكاتبين * (ورتلناه) * معطوف على الفعل الذي تعلق به * (كذلك) *، كأنه قال:
فرقناه * (ورتلناه) * أي: قدرناه آية بعد آية، وسورة عقيب سورة، أو: أمرنا بترتيل قراءته وهو أن يقرأ بترتل (1) وتثبت، وأصل الترتيل: في الأسنان، يقال: ثغره رتل ومرتل أي: مفلج، وقيل: هو تنزيله على تمكث وتمهل في مدة بعيدة (2).
* (ولا يأتونك) * بسؤال عجيب كأنه مثل في البطلان * (إلا) * أتيناك بالجواب الحق الذي لا محيد لهم عنه، وبما هو * (أحسن) * معنى من سؤالهم، وضع " التفسير " موضع " المعنى " لأن التفسير هو الكشف عما يدل عليه الكلام، يعني: أن تنزيله مفرقا وتحديهم بسورة سورة منها أدخل في باب الاعجاز من أن ينزل جملة واحدة فيقال لهم: إئتوا بمثلها في الفصاحة، كأنه قال: إنما يحملكم على هذه