ليس عليكم وعلى من في مثل حالكم من المؤمنين * (حرج) * في ذلك، وقيل: كان هؤلاء يتوقون مجالسة الناس ومؤاكلتهم لما عسى أن يلحقهم من الكراهة من قبلهم (1). وقيل: كانوا يخرجون إلى الغزو ويخلفون الضعفاء في بيوتهم ويدفعون إليهم المفاتيح ويأذنون لهم أن يأكلوا من بيوتهم فكانوا يتحرجون، فقيل: ليس على هؤلاء الضعفاء حرج فيما تحرجون عنه ولا عليكم * (أن تأكلوا) * من هذه البيوت (2)، ولم يأت ذكر الأولاد لأن ذكرهم قد دخل في قوله: * (من بيوتكم) * لأن ولد الرجل بعضه، وحكمه حكم نفسه.
وفي الحديث: " إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه " (3).
وملك المفاتيح: كونها في يده وحفظه، و " الصديق " يكون واحدا أو (4) جمعا، وكذلك العدو، والمعنى: أو بيوت أصدقائكم، وعن أئمة الهدى (عليهم السلام) قالوا: " لا بأس بالأكل لهؤلاء من بيوت من ذكره الله تعالى بغير إذنهم قدر حاجتهم من غير إسراف " (5).
وعن الحسن: أنه دخل داره فإذا حلقة من أصدقائه وقد استلوا سلالا من تحت سريره فيها الخبيص وأطايب الأطعمة وهم يأكلون، فتهلل وجهه سرورا وقال: هكذا وجدناهم - يريد كبراء الصحابة - وكان الرجل منهم يدخل دار صديقه وهو غائب، فيسأل جاريته كيسه فيأخذ ما شاء، فإذا حضر مولاها فأخبرته أعتقها سرورا بذلك (6).