تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٥٢
* (ولم يتخذوا) * عطف على * (جهدوا) * فهو داخل - أيضا - في الصلة، فكأنه قيل: ولما يعلم الله المجاهدين منكم والمخلصين غير المتخذين وليجة من دون الله، والوليجة: فعيلة من ولج، كالدخيلة من دخل، والمراد بنفي العلم نفي المعلوم كما يقال: ما علم الله ما قيل في فلان أي: ما وجد ذلك منه.
* (ما كان للمشركين أن يعمروا مسجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعملهم وفي النار هم خالدون (17) إنما يعمر مسجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين (18)) * * (ما) * صح * (للمشركين) * وما استقام لهم * (أن يعمروا مسجد الله) * يعني:
عمارة المسجد الحرام، وإنما جمع لأن كل موضع منه مسجد، أو لأنه قبلة المساجد كلها فعامره كعامر جميع المساجد، أو أريد جنس المساجد فيدخل فيه ما هو صدرها ومقدمها، وقرئ: " مسجد الله " (1)، * (شاهدين) * حال من الواو في * (يعمروا) *، ومعنى شهادتهم * (على أنفسهم بالكفر) *: ظهور كفرهم، وأنهم نصبوا أصنامهم حول البيت وطافوا حول البيت عراة، وكلما طافوا شوطا سجدوا لها، وقيل: هو قولهم: لبيك لا شريك لك، إلا شريك هولك، تملكه وما ملك (2).
وروي: أن المهاجرين والأنصار عيروا أسارى بدر، ووبخ علي العباس بقتال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقطيعة الرحم، فقال العباس: تذكرون مساوينا وتكتمون محاسننا؟ فقالوا: أولكم محاسن؟ قالوا: نعم، إنا لنعمر المسجد الحرام ونحجب

(١) قرأه ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب. راجع التبيان: ج ٥ ص ١٨٨، وفي تفسير القرطبي: ج ٨ ص ٨٩: هي قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وابن محيصن.
(2) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 2 ص 253.
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»