ووجود الهدى متوقعين بنى الأمر فيهما على الرجاء والطمع فقال: * (لعلى) * لئلا يعد ما ليس الوفاء به مستيقنا، وأراد ب * (هدى) * قوما يهدونه إلى الطريق، أو ينفعونه بهداهم في أبواب الدين، لأن أفكار الأبرار مغمورة بالهمم الدينية في جميع أحوالهم، والمعنى: ذوي هدى، أو إذا وجد الهداة فقد وجد الهدى.
وقرئ: " أني " بالفتح (1)، أي: * (نودي) * بأني * (أنا ربك) * ومن كسر فالمعنى: نودي فقيل: * (يا موسى) *، أو لأن النداء ضرب من القول، والمعنى في تكرير الضمير: توكيد الدلالة وتحقيق المعرفة.
وروي (2): أنه حين انتهى رأى شجرة خضراء من أسفلها إلى أعلاها تتوقد فيها نار بيضاء، وسمع تسبيح الملائكة، ورأى نورا عظيما لم تكن الخضرة تطفئ النار ولا النار تحرق الخضرة، فعلم أنه لأمر عظيم، فبهت فألقيت عليه السكينة ثم نودي: * (فاخلع نعليك) * قيل: أمر بخلع النعلين لأنهما كانتا من جلد حمار ميت (3)، وقيل: ليباشر الوادي بقدميه متبركا به واحتراما له (4) (5) * (طوى) * قرئ بالتنوين وغير التنوين (6) بتأويل المكان والبقعة، وقيل: سمي به لأنه قدس مرتين فكأنه طوي بالبركة كرتين (7).