تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٩
وروي: أنه لما رجع وحدث بذلك قريشا كذبوه، وفيهم من سافر إلى بيت المقدس فاستنعتوه مسجد بيت المقدس، فجلي له فطفق ينظر إليه وينعته لهم حتى وصف جملته، ثم قالوا له: أخبرنا عن عيرنا، فأخبرهم بعدد جمالها وأحمالها، وقال: يقدمها جمل أورق (1)، ويطلع عليكم عند طلوع الشمس، فخرجوا يشتدون نحو الثنية (2) فقال قائل منهم: هذه والله الشمس قد طلعت، وقال آخر: هذه والله الإبل قد أقبلت يقدمها جمل أورق كما قال محمد (صلى الله عليه وآله)، ثم لم يؤمنوا وقالوا:
هذا سحر (3).
قرئ: " ألا يتخذوا " بالياء (4) على: لئلا يتخذوا، وبالتاء على: أي لا تتخذوا، كقولك: كتبت إليه أن افعل كذا * (وكيلا) * أي: معتمدا تكلون إليه أموركم.
* (ذرية من حملنا مع نوح) * نصب على الاختصاص، وقيل: على النداء (5) في قراءة من قرأ: " لا تتخذوا " بالتاء على النهي، والمعنى: قلنا لهم: لا تتخذوا من دوني وكيلا يا ذرية من حملنا مع نوح، أو: لا تتخذوا ذرية من حملنا مع نوح وكيلا، فيكون * (وكيلا) * موحد اللفظ مجموع المعنى، كرفيق في قوله: * (وحسن أولئك رفيقا) * (6)، أي: لا تجعلوهم أربابا، ومن ذرية من حمل مع نوح عزير وعيسى، ذكرهم سبحانه نعمته في إنجاء آبائهم من الغرق بحملهم في السفينة * (إنه) * أي:
إن نوحا * (كان عبدا شكورا) * كثير الشكر.
روي عن الباقر والصادق (عليهما السلام): " أنه كان إذا أصبح وأمسى قال: اللهم

(١) الأورق من الإبل: الذي في لونه بياض إلى سواد. (الصحاح: مادة ورق).
(٢) الثنية: طريق العقبة (الصحاح: مادة ثنى).
(٣) رواه الشيخ الطوسي في تبيانه: ج ٦ ص ٤٤٦.
(٤) وهي قراءة أبي عمرو بن العلاء وحده. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج ٢ ص ٤٩٧.
(٥) وهو قول الزجاج في معانيه: ج ٣ ص ٢٢٦.
(٦) النساء: ٦٩.
(٣٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 357 358 359 360 361 362 363 364 ... » »»