تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ١٦٥
تجحدوا فضلي بقولي: * (وما نرى لكم علينا من فضل) *، * (ولا) * أدعي أني * (أعلم الغيب) * حتى أطلع على نفوس أتباعي وضمائر قلوبهم * (ولا أقول إني ملك) * حتى تقولوا لي: ما أنت إلا بشر مثلنا، ولا أحكم على من تسترذلونه لفقرهم: أن الله * (لن يؤتيهم... خيرا) * كما تقولون، لهوانهم عليه * (إني إذا لمن الظالمين) * إن قلت شيئا من ذلك، والازدراء: افتعال من زرى عليه: إذا عابه.
* (قالوا ينوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصدقين (32) قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين (33) ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون (34) أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلى إجرامي وأنا برئ مما تجرمون (35)) * أي: حاججتنا وزدت في مجادلتنا على قدر الكفاية * (فأتنا بما تعدنا) * من العذاب فإنا لا نؤمن بك. * (قال إنما يأتيكم به الله) * وليس الإتيان به إلي * (إن شاء) * تعجيله لكم.
وقوله: * (إن كان الله يريد أن يغويكم) * شرط جزاؤه ما دل عليه قوله:
* (لا ينفعكم نصحي) *، وهذا الدال في حكم ما دل عليه، فوصل بشرط كما يوصل الجزاء بالشرط في قولهم: إن أحسنت إلي أحسنت إليك إن أمكنني. وأما المعني في قوله: * (إن كان الله يريد أن يغويكم) * فهو أن الكافر إذا علم الله منه الإصرار على الكفر فخلاه وشأنه ولم يقسره على الإيمان سمي ذلك إغواء وإضلالا، كما أنه إذا عرف منه الإرعواء (1) إلى الإيمان فلطف به سمي إرشادا وهداية.

(1) الإرعواء: الكف عن الأمر، وقد ارعوى عن القبيح أي: ارتدع، والاسم: الرعيا والرعوى.
(مجمع البحرين: مادة رعا).
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»