تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ١١١
ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون (3) إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدؤا الخلق ثم يعيده ليجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون) * (4) * (يدبر الامر) * يقضيه ويقدره ويرتبه في مراتبه على أحكام عواقبه، كما يفعل الناظر في أدبار الأمور، والامر: أمر الخلق كله، وقد دل سبحانه بالجملة قبلها على عظمة ملكوته بخلق * (السماوات والأرض في) * وقت يسير مع بسطتها واتساعها، وبالاستواء * (على العرش) *، ثم أتبعها هذه الجملة لزيادة الدلالة على العظمة في أنه لا يخرج شئ من قضائه وتقديره، وكذا قوله: * (مامن شفيع إلا من بعد إذنه) * دليل على العزة والكبرياء * (ذا لكم) * إشارة إلى المعلوم بتلك العظمة، أي: ذلك العظيم الموصوف بما وصف به هو * (الله) * الذي يستحق العبادة منكم، وهو * (ربكم فاعبدوه) * وحده ولا تشركوا به بعض خلقه من ملك أو إنسان فضلا عن جماد لا يضر ولا ينفع * (أفلا تذكرون) * وأصله " تتذكرون " يعني: أن أدنى تذكر ينبه على الخطاء فيما أنتم عليه.
* (إليه مرجعكم جميعا) * أي: إليه رجوعكم جميعا في العاقبة فاستعدوا للقائه * (وعد الله) * مصدر مؤكد لقوله: * (إليه مرجعكم) *، و * (حقا) * مصدر مؤكد لقوله:
* (وعد الله) *، * (إنه يبدؤا الخلق ثم يعيده) * استئناف معناه التعليل لوجوب المرجع إليه، وهو: أن الغرض بابتداء الخلق وإعادته جزاء المكلفين على أعمالهم، وقرئ: " أنه " بالفتح (1)، بمعنى: لأنه، أو هو منصوب بالفعل الذي نصب * (وعد الله) * أي: وعد الله وعدا إبداء الخلق ثم إعادته، والمعنى: إعادة الخلق

(١) قرأه عبد الله بن مسعود ويزيد بن القعقاع والأعمش وسهل بن شعيب. راجع إعراب القرآن للنحاس: ج 2 ص 244، والبحر المحيط لأبي حيان: ج 5 ص 124.
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»