ومن أهم ما حظي به القرآن الكريم هو تفسير آياته، فقد استقطب هذا الفن قسطا وافرا من اهتمام علماء المسلمين، نظرا لدوره الكبير في مساعدته على فهم معاني القرآن الدقيقة ومفاهيمه العميقة وبسطها للناس وبالتالي تطبيقها على مختلف شؤون الحياة الفردية والاجتماعية، ولهذا اندفع كل من أوتي حظا من الثقافة والفكر القرآني من المسلمين إلى خوض هذا الميدان الشريف بهمة واخلاص، مشمرين عن ساعد الجد لاستجلاء حقائقه واستخراج جواهره، بالتدريس تارة وبالتأليف أخرى، فطلعوا على الناس بمكتبة قرآنية عامرة لا تقدر بثمن.
اهتمام الإمامية بالتفسير:
ولم يكن اهتمام الإمامية يقل عن اهتمام جمهور المسلمين في القرآن وتفسيره، فقد خاض علماؤهم وفضلاؤهم في هذا الميدان بجد وإقدام ومنذ صدور الإسلام، فقاموا بتأليف كتب التفسير، وما زالوا حتى عصرنا الحاضر، بل كثير منهم لم يكتف بتأليف تفسير واحد حتى ضم إليه آخر (1)، فطلعوا على الجمهور بمكتبة قرآنية زاخرة أثارت دهشة الباحثين، واستجلبت ثناء المتتبعين، ذلك لأنهم قد أخذوا علوم القرآن وتبيين معانيه عن أئمتهم (عليهم السلام) وكتبوا على هداهم.
والمتتبع لهذه المؤلفات يجد أن اهتمام الإمامية بتفسير القرآن مضى على شكلين:
الأول: التفسير بالأثر والرواية، وكأنهم كانوا يجتنبون عن تفسير القرآن تفسيرا تحليليا احترازا من وصمة التفسير بالرأي التي جاءت بعض الأخبار في لعنه (2)، ومن نماذجه: (1) تفسير علي بن إبراهيم القمي (2) تفسير محمد بن مسعود العياشي (3) تفسير البرهان (4) تفسير نور الثقلين (5) تفسير كنز الدقائق.
الثاني: التفسير العلمي التحليلي، منضما إليه ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة