تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٥٣٨
حرمها * (وأكثرهم لا يعقلون) * أن ذلك افتراء وكذب، يعني الاتباع للذين يقلدون في تحريمها رؤساءهم (1)، والواو في قوله: * (أولو كان آباؤهم) * واو الحال دخل عليه همزة الاستفهام التي للإنكار (2)، والتقدير: أحسبهم ذلك ولو كان آباؤهم * (لا يعلمون شيئا ولا يهتدون) * والاقتداء إنما يصح بالعالم المهتدي ولا يعرف ذلك إلا بالدليل.
* (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون) * (105) سورة المائدة / 105 و 106 * (عليكم) * من أسماء الأفعال ومعناه: الزموا إصلاح أنفسكم، وقوله:
* (لا يضركم) * جواب الأمر وهو مجزوم، وإنما ضمت الراء اتباعا لضمة الضاد، والأصل: " لا يضرركم "، وقرئ: " لا يضركم " بكسر الضاد وضمها (3) من ضاره يضيره ويضوره، ويجوز أن يكون خبرا مرفوعا (4)، والمعنى: لا يضركم ضلال * (من ضل) * عن دينكم * (إذا) * كنتم مهتدين، وهو مثل قوله: * (فلا تذهب نفسك

(١) قال الشيخ في التبيان: ج ٤ ص ٣٧: هذه الآية من الأدلة الواضحة على بطلان مذهب المجبرة من قولهم: من أن الله تعالى هو الخالق للكفر والمعاصي وعبادة الأصنام وغيرها من القبائح، لأنه تعالى نفى أن يكون هو الذي جعل البحيرة أو السائبة أو الوصيلة أو الحام، وعندهم: أن الله هو الجاعل له والخالق، تكذيبا لله تعالى وجرأة عليه، ثم بين تعالى أن هؤلاء بهذا القول قد كفروا بالله وافتروا عليه بأن أضافوا إليه ما ليس بفعل له، وذلك واضح لا إشكال فيه.
(٢) انظر تفصيل ذلك في الكشاف: ج ١ ص ٦٨٥، والفريد في اعراب القرآن للهمداني: ج ٢ ص ٩١.
(٣) قرأ يحيى وإبراهيم بكسر الضاد، والحسن بضمها على ما حكاه ابن خالويه في شواذ القرآن: ص ٤١.
(٤) وهو اختيار الأخفش وقال: لأنه ليس بعلة لقوله: * (عليكم أنفسكم) * وإنما أخبر انه لا يضرهم. انظر معاني القرآن: ج ٢ ص ٤٧٨، وعنه التبيان: ج ٤ ص ٤١.
(٥٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 ... » »»