تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٣٦٩
تتساءلون به فأدغمت التاء في السين، وقرئ: * (تساءلون) * بطرح التاء الثانية (1)، أي: يسأل بعضكم بعضا بالله وبالرحم، فيقول: بالله وبالرحم افعل كذا على سبيل الاستعطاف، أو تسألون غيركم بالله وبالرحم فوضع " تفاعلون " موضع " تفعلون " للجمع (2) * (والأرحام) * نصب (3) على * (واتقوا الله... والأرحام) * أو أن يعطف على محل الجار والمجرور كما تقول: مررت بزيد وعمرا، وأما جره فعلى عطف الظاهر على المضمر، وقد جاء ذلك في الشعر نحو قوله:
فاذهب فما بك والأيام من عجب (4) ولا يستحسنون ذلك في حال الاختيار، والمعنى: أنهم كانوا يقرون بأن لهم خالقا وكانوا يتساءلون بذكر الله والرحم، فقيل لهم: اتقوا الله الذي خلقكم واتقوا الله الذي تتناشدون به واتقوا الأرحام فلا تقطعوها، أو واتقوا الله الذي تتعاطفون بإذكاره وإذكار الرحم، وفي هذا أن صلة الرحم من الله بمكان كما جاء في الحديث: " للرحم حجنة (5) عند العرش " (6) (7)، وعن ابن عباس: " الرحم معلقة

(١) وهي قراءة الكوفيين. راجع كتاب التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج ٢ ص ٣٧١، والعنوان في القراءات لابن خلف: ص ٨٣.
(٢) في نسخة زيادة: بين الاثنين.
(٣) في بعض النسخ زيادة: عطف.
(٤) وصدره: فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا. والبيت من شواهد النحو الشائعة في باب الجر، وقد تعددت الأقوال في قائلها، فنسب للأعشى تارة وأخرى لعمرو بن يكرب وثالثة لخفاف ابن ندبة ولغيرهم. انظر كتاب سيبويه: ج ٢ ص ٣٨٣، والكامل للمبرد: ج ٢ ص ٩٣١، ومعاني القرآن للزجاج: ج 2 ص 7.
(5) حجنة المغزل: هي المنعقفة في رأسه. (الصحاح: مادة حجن).
(6) في نسخة زيادة: أي علقة عند العرش.
(7) رواه الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 463، وفي فتح الباري لابن حجر: ج 1 ص 147 و 168، واتحاف السادة المتقين للزبيدي: ج 6 ص 311، والترغيب والترهيب للمنذري: ج 3 ص 338: " شجنة " بدل " حجنة ".
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»