تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٣٣٩
الأرض، والمعنى: ولقد عفا عنكم وقت إصعادكم أي: ذهابكم في وادي أحد للانهزام * (ولا تلوون على أحد) * أي: لا تلتفتون إلى من خلفتم (1) في الحرب، لا يقف أحد منكم على أحد * (والرسول يدعوكم) * يقول: إلي عباد الله أنا رسول الله من يكر فله الجنة * (في أخراكم) * أي: في ساقتكم وجماعتكم الأخرى أي:
المتأخرة، تقول: جئت في آخر الناس وأخراهم كما تقول: في أولهم وأولاهم بتأويل مقدمتهم وجماعتهم الأولى * (فأثابكم) * عطف على * (صرفكم) * أي:
فجازاكم الله * (غما) * حين صرفكم عنه وابتلاكم * (ب‍) * سبب * (غم) * أذقتموه رسول الله بعصيانكم إياه، أو * (غما) * متصلا * (بغم) * بما أرجف به من قتل رسول الله وبالجرح والقتل وظفر المشركين وفوت الغنيمة * (لكيلا تحزنوا على ما فاتكم) * من الغنيمة * (ولا) * تحزنوا أيضا على * (ما أصابكم) * من الشدائد في سبيل الله * (والله خبير) * أي: عليم بأعمالكم.
ثم ذكر سبحانه ما أنعم عليهم بعد ذلك فقال: * (ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم) * هم أهل الصدق واليقين، وذلك أنه تعالى أنزل الأمن على المؤمنين وأزال عنهم الخوف الذي كان بهم حتى نعسوا وغلبهم النوم، وروي عن أبي طلحة أنه قال: غشينا النعاس ونحن في مصافنا، فكان السيف يسقط من يد أحدنا فيأخذه ثم يسقط فيأخذه، وما أحد إلا ويميل تحت حجفته (2) (3)، وقوله تعالى: * (نعاسا) * بدل من * (أمنة) *، ويجوز أن يكون هو المفعول و * (أمنة) * حال منه مقدمة عليه كما تقول: رأيت راكبا رجلا (4)، وقرئ:

(1) في نسخة: خلفكم.
(2) الحجفة: هو الترس إذا كان من جلود ليس فيه خشب ولا عقب. (الصحاح: مادة حجف).
(3) رواها عنه البغوي في تفسيره: ج 1 ص 363، والزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 428.
(4) راجع تفصيل ذلك في الكشاف: ج 1 ص 428.
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»