تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ١١٠
يداوم عليها كل يوم لا يبدلها جاز أن يقال: لا يأكل فلان إلا طعاما واحدا، ويراد بالوحدة: نفي التبدل والاختلاف * (فادع لنا) * أي: لأجلنا * (ربك يخرج لنا) * أي:
يظهر لنا ويوجد لنا * (مما تنبت الأرض من بقلها) * البقل: ما أنبتته الأرض من الخضر، والفوم: الحنطة، ومنه فوموا لنا أي: اختبزوا، وقيل: هو الثوم (1). قيل: إنهم كانوا قوما فلاحة فنزعوا إلى أصلهم، ولم يريدوا إلا ما ألفوه وضروا به (2) من الأشياء المتفاوتة، كالبقول والحبوب ونحو ذلك (3).
سورة البقرة / 62 - 64 * (قال أتستبدلون الذي هو أدنى) * أي: هو أقرب منزلة وأدون مقدارا، والدنو والقرب يعبر بهما عن قلة المقدار، فيقال: هو أدنى (4) المحل وقريب المنزلة، كما يعبر بالبعد عن عكس ذلك، فيقال: بعيد المحل وبعيد الهمة، يريدون الرفعة والعلو * (اهبطوا مصرا) * أي: انحدروا إليه من التيه، ويمكن أن يريد الاسم العلم، وصرفه مع اجتماع السببين: العلم والتأنيث لسكون وسطه، وإن أريد به البلد فما فيه إلا سبب واحد * (وضربت عليهم الذلة) * أي: جعلت الذلة محيطة بهم مشتملة عليهم، فهم فيها كما أن من ضربت عليه القبة يكون فيها، أو ألصقت بهم حتى لزمتهم ضربة لازب، كما يضرب الطين على الحائط فيلزمه، فاليهود صاغرون أذلاء أهل مسكنة: إما على الحقيقة، وإما لتفاقرهم خيفة أن تضاعف عليهم الجزية * (وباؤا بغضب من الله) * أي: صاروا أحقاء بغضبه من قولهم: باء فلان بفلان إذا كان حقيقا بأن يقتل به لمساواته له * (ذلك) * إشارة إلى ما تقدم من ضرب الذلة والمسكنة

(1) نسبه الشيخ في تبيانه: ج 1 ص 275، والماوردي في تفسيره: ج 1 ص 129 إلى الربيع بن أنس والكسائي.
(2) ضروا به: تعودوه. (الصحاح: مادة ضرا).
(3) قاله الزمخشري في كشافه: ج 1 ص 145 وقال: ويدل عليه قراءة ابن مسعود: " وثومها ".
(4) في بعض النسخ: داني.
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»