____________________
إلا السرار أو أخا السرار حتى ألقى الله. وعن عمر رضي الله عنه أنه كان يكلم النبي صلى الله عليه وسلم كأخي السرار لا يسمعه حتى يستفهمه. وكان أبو بكر إذا قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد أرسل إليهم من يعلمهم كيف يسلمون ويأمرهم بالسكينة والوقار عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. وليس الغرض برفع الصوت ولا الجهر ما يقصد به الاستخفاف والاستهانة لأن ذلك كفر والمخاطبون مؤمنون، وإنما الغرض صوت هو في نفسه والمسموع من جرسه غير مناسب لما يهاب به العظماء ويوقر الكبراء، فيتكلف الغض منه ورده إلى حد يميل به إلى ما يستبين فيه المأمور به من التعزير والتوقير، ولم يتناول النهى أيضا رفع الصوت الذي لا يتأذى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما كان منهم في حرب أو مجادلة معاند أو إرهاب عدو أو ما أشبه ذلك، ففي الحديث أنه قال عليه الصلاة والسلام للعباس بن عبد المطلب لما انهزم الناس يوم حنين " أصرخ بالناس " وكان العباس أجهر الناس صوتا، يروى أن غارة أتتهم يوما فصاح العباس: يا صباحاه، فأسقطت الحوامل لشدة صوته، وفيه يقول نابغة بنى جعدة:
زجر أبى عروة السباع إذا * أشفق أن يختلطن بالغنم زعمت الرواة أنه كان يزجر السباع عن الغنم فيفتق مرارة السبع في جوفه، وفى قراءة ابن مسعود لا ترفعوا بأصواتكم، والياء مزيدة محذو بها حذو التشديدة في قول الأعلم الهذلي:
رفعت عيني بالحجا * ز إلى أناس بالمناقب وليس المعنى في هذه القراءة بأنهم نهوا عن الرفع الشديد تخيلا أن يكون ما دون الشديد مسوغا لهم، ولكن المعنى نهيهم عما كانوا عليه من الجلبة واستجفاؤهم فيما كانوا يفعلون. وعن ابن عباس " نزلت في ثابت بن قيس ابن شماس. وكان في أذنه وقر وكان جهوري الصوت فكان إذا تكلم رفع صوته، وربما كان يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتأذى بصوته " وعن أنس " أن هذه الآية لما نزلت فقد ثابت، فتفقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر بشأنه، فدعاه فسأله فقال: يا رسول الله لقد أنزلت إليك هذه الآية، وإني رجل جهير الصوت فأخاف أن يكون عملي قد حبط، فقال له يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: لست هناك إنك تعيش بخير وتموت بخير وإنك من أهل الجنة " وأما ما يروى عن الحسن أنها نزلت فيمن كان يرفع صوته من المنافقين فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فمحمله والخطاب للمؤمنين على أن ينهى المؤمنون فيندرج المنافقون تحت النهى فيكون الأمر أغلظ عليهم وأشق. وقيل كان المنافقون يرفعون أصواتهم فيظهروا قلة مبالاتهم فيقتدى بهم ضعفة المسلمين، وكان التشبيه في محل النصب: أي لا تجهروا له جهرا مثل جهر بعضكم لبعض وفى هذا أنهم لم ينهوا عن الجهر مطلقا حتى لا يسوغ لهم أن يكلموه إلا بالهمس والمخافتة، وإنما نهوا عن جهر مخصوص مقيد بصفة أعني الجهر المنعوت بمماثلة ما قد اعتادوه منه فيما بينهم وهو الخلو من مراعاة أبهة النبوة وجلالة مقدارها وانحطاط سائر الرتب وإن جلت عن رتبتها (أن تحبط أعمالكم) منصوب الموضع على أنه مفعول له، وفى متعلقه وجهان: أحدهما أن يتعلق بمعنى
زجر أبى عروة السباع إذا * أشفق أن يختلطن بالغنم زعمت الرواة أنه كان يزجر السباع عن الغنم فيفتق مرارة السبع في جوفه، وفى قراءة ابن مسعود لا ترفعوا بأصواتكم، والياء مزيدة محذو بها حذو التشديدة في قول الأعلم الهذلي:
رفعت عيني بالحجا * ز إلى أناس بالمناقب وليس المعنى في هذه القراءة بأنهم نهوا عن الرفع الشديد تخيلا أن يكون ما دون الشديد مسوغا لهم، ولكن المعنى نهيهم عما كانوا عليه من الجلبة واستجفاؤهم فيما كانوا يفعلون. وعن ابن عباس " نزلت في ثابت بن قيس ابن شماس. وكان في أذنه وقر وكان جهوري الصوت فكان إذا تكلم رفع صوته، وربما كان يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتأذى بصوته " وعن أنس " أن هذه الآية لما نزلت فقد ثابت، فتفقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر بشأنه، فدعاه فسأله فقال: يا رسول الله لقد أنزلت إليك هذه الآية، وإني رجل جهير الصوت فأخاف أن يكون عملي قد حبط، فقال له يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: لست هناك إنك تعيش بخير وتموت بخير وإنك من أهل الجنة " وأما ما يروى عن الحسن أنها نزلت فيمن كان يرفع صوته من المنافقين فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فمحمله والخطاب للمؤمنين على أن ينهى المؤمنون فيندرج المنافقون تحت النهى فيكون الأمر أغلظ عليهم وأشق. وقيل كان المنافقون يرفعون أصواتهم فيظهروا قلة مبالاتهم فيقتدى بهم ضعفة المسلمين، وكان التشبيه في محل النصب: أي لا تجهروا له جهرا مثل جهر بعضكم لبعض وفى هذا أنهم لم ينهوا عن الجهر مطلقا حتى لا يسوغ لهم أن يكلموه إلا بالهمس والمخافتة، وإنما نهوا عن جهر مخصوص مقيد بصفة أعني الجهر المنعوت بمماثلة ما قد اعتادوه منه فيما بينهم وهو الخلو من مراعاة أبهة النبوة وجلالة مقدارها وانحطاط سائر الرتب وإن جلت عن رتبتها (أن تحبط أعمالكم) منصوب الموضع على أنه مفعول له، وفى متعلقه وجهان: أحدهما أن يتعلق بمعنى