____________________
قال أي فاسق جاءكم بأي نبأ فتوقفوا فيه وتطلبوا بيان الأمر وانكشاف الحقيقة ولا تعتمدوا قول الفاسق لأن من لا يتحامى جنس الفسوق لا يتحامى الكذب الذي هو نوع منه، والفسوق: الخروج من الشئ والانسلاخ منه، يقال فسقت الرطبة عن قشرها، ومن مقلوبه فقست البيضة إذا كسرتها وأخرجت ما فيها، ومن مقلوبه أيضا قفست الشئ إذا أخرجته عن يد مالكه مغتصبا له عليه، ثم استعمل في الخروج عن القصد والانسلاخ من الحق، قال رؤبة * فواسقا عن قصدها جوائرا * وقرأ ابن مسعود فتثبتوا، والتثبت والتبين متقاربان وهما طلب الثبات والبيان والتعرف. ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين معه بالمنزلة التي لا يجسر أحد أن يخبرهم بكذب وما كان يقع مثل ما فرط من الوليد إلا في الندرة، قيل إن جاءكم بحرف الشك، وفيه أن على المؤمنين أن يكونوا على هذه الصفة لئلا يطمع فاسق في مخاطبتهم بكلمة زور (أن تصيبوا) مفعول له أي كراهة إصابتكم (قوما بجهالة) حال كقوله تعالى - ورد الله الذين كفروا بغيظهم - يعنى جاهلين بحقيقة الأمر وكنه القصة. والإصباح بمعنى الصيرورة. والندم ضرب من الغم، وهو أن تغتم على ما وقع منك تتمنى أنه لم يقع، وهو غم يصحب الإنسان صحبة لها دوام ولزام لأنه كلما تذكر المتندم عليه راجعه من الندام وهو لزم الشريب ودوام صحبته، ومن مقلوباته أدمن الأمر أدامه، ومدن بالمكان أقام به ومنه المدينة، وقد تراهم يجعلون الهم صاحبا ونجيا وسميرا وضجيعا وموصوفا بأنه لا يفارق صاحبه. الجملة المصدرة بلو لا تكون كلاما مستأنفا لأدائه إلى تنافر النظم ولكن متصلا بما قبله حالا من أحد الضميرين في فيكم المستتر المرفوع أو البارز المجرور وكلاهما مذهب سديد، والمعنى: إن فيكم رسول الله على حالة يجب عليكم تغييرها أو أنتم على حالة يجب عليكم تغييرها. وهى أنكم تحاولون منه أن يعمل في الحوادث على مقتضى ما يعن لكم من رأى واستصواب فعل المطواع لغيره التابع له فيما يرتئيه المحتذى على أمثلته، ولو فعل ذلك (لعنتم) أي