الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٤٤٣
قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين * الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون * إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون *
____________________
قلوبنا أكنة كما قيل - وفي آذاننا وقر - ليكون الكلام على نمط واحد؟ قلت: هو على نمط واحد لأنه لافرق في المعنى بين قولك قلوبنا في أكنة وعلى قلوبنا أكنة، والدليل عليه قوله تعالى - إنا جعلنا على قلوبهم أكنة - ولو قيل إنا جعلنا قلوبهم في أكنة لم يختلف المعنى، وترى المطابيع منهم لا يراعون الطباق والملاحظة إلا في المعاني. فإن قلت: من أين كان قوله (إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى) جوابا لقولهم قلوبنا في أكنة؟ قلت: من حيث إنه قال لهم: إني لست بملك وإنما أنا بشر مثلكم وقد أوحى إلى دونكم فصحت بالوحي إلى وأنا بشر نبوتي، وإذا صحت نبوتي وجب عليكم اتباعي وفيما يوحى إلى أن إلهكم إله واحد (فاستقيموا إليه) فاستووا إليه بالتوحيد وإخلاص العبادة غير ذاهبين يمينا ولا شمالا ولا ملتفتين إلى ما يسول لكم الشيطان من اتخاذ الأولياء والشفعاء (وتوبوا إليه) مما سبق لكم من الشرك (واستغفروه). وقرئ قال إنما أنا بشر. فإن قلت: لم خص من بين أوصاف المشركين منع الزكاة مقرونا بالكفر بالآخرة؟ قلت: لأن أحب شئ إلى الإنسان ما له وهو شقيق روحه فإذا بذله في سبيل الله فذلك أقوى دليل على ثباته واستقامته وصدق نيته ونصوع طويته، ألا ترى إلى قوله عز وجل - ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم - أي يثبتون أنفسهم ويدلون على ثباتها بإنفاق الأموال، وما خدع المؤلفة قلوبهم إلا بلفظة من الدنيا فقرت عصبيتهم ولانت شكيمتهم وأهل الردة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تظاهروا إلا بمنع الزكاة فنصبت لهم الحرب وجوهدوا، وفيه بعث للمؤمنين على أداء الزكاة وتخويف شديد من منعها حيث جعل المنع من أوصاف المشركين وقرن بالكفر بالآخرة. وقيل كانت قريش يطعمون الحاج ويحرمون من آمن منهم برسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل لا يفعلون ما يكونون به أزكياء وهو الإيمان. الممنون: المقطوع
(٤٤٣)
مفاتيح البحث: الزكاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 ... » »»