وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. قل أغير الله اتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم، قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين
____________________
على توحيده بما أنتم مقرون به من خلق السماوات والأرض. ثم عدهم على إغفالهم النظر وإشراكهم به من لا يقدر على خلق شئ بقوله (ليجمعنكم إلى يوم القيامة) فيجازيكم على إشراككم، وقوله (الذين خسروا أنفسهم) نصب على الذم أو رفع: أي أريد الذين خسروا أنفسهم أو أنتم الذين خسروا أنفسهم. فإن قلت: كيف جعل عدم إيمانهم مسببا عن خسرانهم والامر على العكس؟ قلت: معناه الذين خسروا أنفسهم في علم الله لاختيارهم الكفر فهم لا يؤمنون (وله) عطف على الله (ما سكن في الليل والنهار) من السكنى وتعديه بفي كما في قوله - وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم - (وهو السميع العليم) يسمع كل مسموع ويعلم كل معلوم فلا يخفى عليه شئ مما يشتمل عليه الملوان. أولي غير الله؟ همزة الاستفهام دون الفعل الذي هو أتخذ، لأن الإنكار في اتخاذ غير الله وليا لا في اتخاذ الولي فكان أولى بالتقديم، ونحوه - أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون - الله أذن لكم - وقرئ " فاطر السماوات " بالجر صفة لله وبالرفع على المدح، وقرأ الزهري " فطر " وعن ابن عباس رضي الله عنهما: ما عرفت ما فاطر السماوات والأرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها: أي ابتدعتها (وهو يطعم ولا يطعم) وهو يرزق ولا يرزق كقوله - أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون - والمعنى أن المنافع كلها من عنده، ولا يجوز عليه الانتفاع. وقرئ " ولا يطعم " بفتح الياء. وروى ابن المأمون عن يعقوب وهو يطعم ولا يطعم على بناء الأول للمفعول والثاني للفاعل والضمير لغير الله، وقرأ الأشهب وهو يطعم ولا يطعم على بنائهما للفاعل، وفسر بأن معناه: وهو يطعم ولا يستطعم. وحكى الأزهري أطعمت بمعنى استطعمت ونحوه أفدت، ويجوز أن يكون المعنى: وهو يطعم تارة ولا يطعم أخرى على حسب المصالح كقولك: هو يعطى ويمنع ويبسط ويقدر ويغني ويفقر (أول من أسلم) لأن النبي سابق أمته في الاسلام كقوله - وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين - وكقول موسى - سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين - (ولا تكونن) وقيل لي لا تكونن (من المشركين) ومعناه: