التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٥٧٣
وانصدع انصداعا فبين انه على وجه المثل بقوله (وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) ومعناه ليتفكروا، لان (لعل) بمعنى الشك، والشك لا يجوز على الله.
وقوله (هو الله الذي لا إله إلا هو) معناه هو المستحق للعبادة الذي لا تحق العبادة إلا له (عالم الغيب والشهادة) معناه عالم بما يشاهده العباد، وعالم بما يغيب عنهم علمه. وقيل: معناه (عالم الغيب) مالا يقع عليه حس من المعدوم أو الموجود الذي لا يدرك مما هو غائب عن الحواس كأفعال القلوب وغيرها (والشهادة) أي وعالم بما يصح عليه الادراك بالحواس. وقال الحسن: الغيب ما أخفاه العباد، والشهادة ما أعلنوه، ففي الوصف بها بين كونه عالما بجميع المعلومات، لأنها لا تعدو هذين القسمين.
وقوله (هو الرحمن) يعني المنعم على جميع خلقه (الرحيم) بالمؤمنين، ولا يوصف بالرحمن سوى الله تعالى. وأما الرحيم، فإنه يوصف به غيره تعالى. ثم أعاد قوله (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك) يعني السيد المالك لجميع الأشياء الذي له التصرف فيها على وجه ليس لأحد منعه منه (القدوس) ومعناه المطهر فتطهر صفاته عن أن يدخل فيها صفة نقص (السلام) وهو الذي يسلم عباده من ظلمه (المؤمن) الذي أمن العباد من ظلمه لهم إذ قال (لا يظلم مثقال ذرة) (1) (المهيمن) قال ابن عباس معناه الأمين. وقال قوم: معناه المؤمن إلا أنه أشد مبالغة في الصفة، لأنه جاء على الأصل في المؤمن، فقلبت الهمزة هاء، وفخم اللفظ به لتفخيم المعنى. وقال قتادة: معناه الشهيد كأنه شهيد على إيمان من آمن به أو الشهيد على الامن في شهادته (العزيز) يعنى القادر الذي لا يصح عليه القهر

(1) سورة 4 النساء آية 39
(٥٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 568 569 570 571 572 573 574 575 576 577 578 ... » »»
الفهرست