قوله تعالى:
(اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين (16) لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدين (17) يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شئ ألا إنهم هم الكاذبون (18) استحوذ عليهم الشيطان فأنسيهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون (19) إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين) (20).
خمس آيات عراقي وشامي، والمدني الأول، وأربع آيات وبعض آية مكي والمدني الآخر، عد العراقي والشامي والمدني الأول " في الأذلين " ولم يعده الباقون.
لما ذكر الله تعالى المنافقين بأنهم تولوا قوما من اليهود الذين غضب الله عليهم وذكر ما أعده لهم من العقاب، وذكر انهم يحلفون على الكذب مع علمهم بأنهم كاذبون قال إنهم (اتخذوا أيمانهم) التي يحلفون بها (جنة) أي سترة وترسايد يدفعون بها عن نفوسهم التهمة والظنة إذا ظهرت منهم الريبة. والاتخاذ جعل الشئ عدة، كما يقال: اتخذ سلاحا، واتخذ كراعا ورجالا واتخذ دارا لنفسه إذا اعدهما لنفسه، فهؤلاء جعلوا الايمان عدة ليدفعوا بها عن نفوسهم الظنة. والجنة السترة وأصله التستر ومنه الجنة لاستتارهم عن العيون، والجنة لاستتارها بالشجر، والمجن الترس لستره صاحبه عن أن يناله السلاح.